Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

نيران الماضي ولهيب الحاضر... الأقصى تحت الاحتلال منذ 56 عاماً .... تقرير صحفي.

نشر بتاريخ:

رام الله، 21 أغسطس 2025 ( وال) – ستةٌ وخمسون عاماً مضت على الجريمة النكراء التي استهدفت قلب الأمة الإسلامية، عندما أقدم متطرف يهودي أسترالي يُدعى مايكل دينيس، في صباح الحادي والعشرين من أغسطس عام 1969، على إشعال النيران عمداً في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، في مشهد لم يُمحَ من الذاكرة.

كانت النيران مشتعلة، لا في الأخشاب والزخارف فقط، بل في قلوب الآلاف من أبناء شعبنا الذين هرعوا من كل حدب وصوب لإطفائها، بينما حالت سلطات الاحتلال دون وصول سيارات الإطفاء العربية، وقطعت المياه عن المنطقة، في محاولة لترك النار تلتهم كل شيء.

أتى الحريق على أجزاء كبيرة من المسجد الأقصى، بما في ذلك مسجد عمر، ومحراب زكريا، ومقام الأربعين، وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال، إلى جانب 74 نافذة خشبية، و48 نافذة جبصية ملوّنة تحطمت بالكامل. كما تضررت الزخارف والآيات القرآنية التي تزيّن جدران المسجد، وسقط جزء من السقف على الأرض تحت القبة.

وبالرغم من تعمّد الاحتلال إعاقة جهود الإطفاء، فقد استطاع المواطنون العرب، من الخليل وبيت لحم والقدس وسائر المناطق، المساهمة في إنقاذ ما تبقى من هذا المعلم الإسلامي التاريخي.

لم يكن الحريق حدثاً عابراً. فقد جاء ضمن سلسلة من الممارسات التهويدية التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948، والتي تسارعت بعد احتلال القدس عام 1967.

ومنذ عام 2003، بدأ المستوطنون باقتحام المسجد الأقصى خمسة أيام أسبوعياً، بحماية مشددة من قوات الاحتلال. وفي السنوات الأخيرة، تطورت هذه الاقتحامات إلى أداء طقوس تلمودية علنية، ورفع علم الاحتلال داخل المسجد، في انتهاك صارخ لوضعه التاريخي والديني.

وتسعى "منظمات الهيكل" المزعوم إلى فرض أمر واقع داخل الأقصى، عبر إدخال رموز دينية يهودية، مثل لفائف التوراة، والشمعدان، والأبواق، بل وحتى المذبح والقربان الحيواني، في خطوة تصعيدية غير مسبوقة.

مع بدء العدوان الإسرائيلي الشامل على الضفة وغزة في أكتوبر 2023، اشتدت الهجمة الاحتلالية على القدس ومقدساتها. فقد سُجل خلال النصف الأول من العام الجاري (2025) اقتحام 33,634 مستوطناً للمسجد الأقصى، إضافة إلى 26,012 شخصاً تحت غطاء "السياحة"، أدوا خلالها جولات استفزازية وطقوساً تلمودية.

وفي أبريل 2025، اقتحم المسجد الأقصى 1,031 مستوطناً، وارتفع العدد في مايو/أيار إلى 6,728 مستوطناً. وكانت أبرز الانتهاكات بتاريخ 12 مايو، عندما أدخل مستوطنون قرباناً حيوانياً من باب الغوانمة، بنيّة ذبحه داخل الأقصى، في سابقة خطيرة.

أما في يوليو الماضي فقد اقتحم المسجد 5,487 مستوطناً، و2,484 آخرين تحت ذريعة السياحة، فيما أقدمت سلطات الاحتلال على إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لمدة 12 يوماً، بالتزامن مع الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.

لم تكن جريمة الحريق سوى بداية لمسار طويل من الجرائم. ففي أكتوبر 1990، وقعت مجزرة الأقصى الأولى، عندما أطلق جنود الاحتلال النار على المصلين، ما أسفر عن استشهاد 21 مصلياً وإصابة 150، واعتقال 270 آخرين.

وفي سبتمبر 1996، اندلعت "هبة النفق" إثر افتتاح الاحتلال لنفق أسفل المسجد الأقصى، سقط خلالها 100 شهيد وأكثر من 1600 جريح.

أما في سبتمبر 2000، فقد شكّل اقتحام أريئيل شارون للمسجد الأقصى الشرارة الأولى لـ"انتفاضة الأقصى"، التي استمرت لسنوات، وارتقى خلالها 4,500 شهيد، وأصيب أكثر من 50 ألفاً.

وفي الذكرى السادسة والخمسين لهذه الجريمة، تجدّد القيادة الفلسطينية تأكيدها على ضرورة حماية المسجد الأقصى من مشاريع التهويد والاقتحام، وعلى مسؤولية الأمة العربية والإسلامية في الدفاع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

فالأقصى ليس مجرد معلم ديني، بل رمز لهوية شعب، وقضية أمة، ومسؤولية تاريخية لا تقبل النسيان.

...( وال ) ...