Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

الشاعر الليبي عصام الفرجاني لـ (وال) : الشعر دواء للأرواح يجمع بين الموهبة والصنعة .

نشر بتاريخ:
حوار : صلاح الدين الغزال

بنغازي 16 أكتوبر 2023 م (وال) - انتقد الشاعر الليبي " عصام الفرجاني " المشهد الثقافي في ليبيا وشبهه بـ "المريض الذي لا يُنتظر برؤه قريبا" .

وأضاف " الفرجاني " في مقابلة مع وكالة الأنباء الليبية أمس الأحد أن الشعر دواء للأرواح وأن الشاعر الناجح هو الذي يجمع بين الموهبة وبين الصنعة التي تتطلب توفر الأدوات كاللغة والبلاغة والعروض وحفظ الكثير من الشعر وسائر الآداب.

وأضاف أن القصيدة الناجحة هي المستوفية لشروط القصيدة وهي الوزن ليصح تسميتها أولا بالشعر، والفكرة والصورة وجودة السبك إلى جانب حسن اختيار البحر والقافية الملائمين للموضوع منتقدا في هذا السياق الحشو والركاكة في عبارات القصيدة.

وحول رأيه في قصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وهل يعتبرها من الشعر قال " الفرجاني " إنه يُفضل تسميتها بالنص النثري غير أنه أشار إلى أن كثيرا ممن يكتبون النص النثري مُدَّعون للكتابة ولا يمتلكون أدواتها.

ورأى أن تسمية قصيدة النثر بالقصيدة ونسبتها للشعر يُعتبر خلطا للأصناف الأدبية بعضها ببعض، مؤكدا أن الموسيقا والوزن أمر رئيس في الشعر، ولا يكون الشعر بدونه، فالشعر، حسب قوله، إما عموديا وإما تفعيلة.

نص المقابلة :

*هل لك أن تحدثنا عن بداياتك في كتابة الشعر؟ وهل لك أي نشاط أدبي آخر؟

ـ كنت أكتب خربشات ولا أعدها شعرا عندما كنت في الصف السادس الابتدائي عام 1994م، ولكن البداية الحقيقية كانت بمركز المتفوقين عام 1999م حين كنت بالصف الأول الثانوي عندما اهتمت الأستاذة الشاعرة حميدة الشوبكي بموهبتي، وعرفتني على أستاذي الشاعر المرحوم محمد المهدي الذي أعطاني فكرة عن التقطيع العروضي، وبالفعل انطلقت، وكتبت أول قصيدة موزونة بعدها مباشرة وكانت بعنوان (بين نداء الحياة وصراخ القدر) وهي معارضة لقصيدة الشابي الشهيرة (إذا الشعب يوما.....)، وألقاها الشاعر محمد المهدي بإذاعة بنغازي المحلية.

*من من الأشخاص الذي كان له الفضل في اتقانك للنحو وعلم العروض؟

ـ كان الأستاذ المرحوم الإذاعي القدير المهدي الجلّي أول من نبهني إلى الاهتمام بموسيقا الشعر، ولكن الأستاذ الشاعر محمد المهدي رحمه الله، هو من علمني التقطيع العَروضي، ثم انطلقت بنفسي معتمدا على الكتب والاجتهاد الذاتي في دراسة بحور الشعر العربي، أما حبي للنحو فقد نماه فيّ والدي الأستاذ عبد المجيد عبد العاطي الفرجاني أولا، ثم الأستاذ المرحوم المهدي الجلّي بالصف الثالث الإعدادي، ثم الدكتورة فتحية الشعاب بالصف الثاني الثانوي، والدكتور محمد أحمد الوليد بالصف الأول والثالث الثانوي.

*باعتبارك مختصًّا في الصيدلة فهل هناك علاقة بين الدواء والشعر؟

ـ كثيرا ما أقول في اللقاءات والحوارات عندما يُطرَحُ عليَّ هذا السؤال: "إن الشعر دواء للأرواح والصيدلة دواء للأجساد، وأنا أحب أن أكون قريبا من الناس جسدا وروحا".

*إن قصيدة النثر تحررت من القافية والتفعيلة والوزن فما رأيك فيها، وهل تعتبرها من الشعر؟

ـ أحب تسميتها بالنص النثري، وهو نص أدبي إذا أتقنه صاحبه؛ لأن كثيرا ممن يكتبون النص النثري مُدَّعون للكتابة ولا يمتلكون أدواتها، أما تسميته بالقصيدة ونسبته للشعر فهذا خلط للأصناف الأدبية بعضها ببعض، فالشعر - وإن اتفقنا على ضرورة وجود الصورة والفكرة والروح والشاعرية فيه - لكن الموسيقا والوزن أمر رئيس فيه، ولا يكون الشعر بدونه، فالشعر عندي إما عمودي وإما تفعيلة .

*من يكون الشّاعر النّاجح في اعتقادك؟

 ـ الشاعر الناجح هو الذي يجمع بين الموهبة وبين الصنعة التي تتطلب توفر الأدوات كاللغة والبلاغة والعَروض وحفظ الكثير من الشعر وسائر الآداب. ولتوظيف كل أولئك لا بد من أن تكون علاقته جيدة بالمشهد الثقافي، لتتاح له الفرصة للوصول إلى الناس، ليعرفوه، فيطلعوا على شعره.

 *ما هو مقياس القصيدة الناجحة؟ ومن في رأيك الحكم الحقيقي لنجاحها؟

ـ القصيدة الناجحة على مستوى الشعر الحق هي القصيدة المستوفية لشروط القصيدة، وهي الوزن ليصح تسميتها أولا بالشعر، والفكرة والصورة وجودة السبك وهذا الأخير يفتقده كثير من كتاب الشعر العمودي، فتراه يكتب القصيدة العمودية من خمسين أو ستين أو سبعين بيتا لكنها مليئة بالحشو، مكتظة بالركاكة في الكثير من عباراتها، مهلهلة في تعبيراتها، فجودة السبك من أهم ما تتطلبه القصيدة الناضجة، أضف إلى ذلك حسن اختيار البحر والقافية الملائمين لموضوع القصيدة أما القصيدة الناجحة جماهيريا فهذا أمر لا مقياس له ويخضع لأهواء القراء.

*ما هو تقييمك للمشهد الثقافي في ليبيا؟

 المشهد الثقافي الليبي مكتظ بالشللية، (صفق لي كي أصفق لك)، والمبدعون منهم من يعتلي المنابر ويزاحم المدَّعين ومنهم من يئس من الظهور ورأى أنه لا جدوى من تقديم شيء. حتى الذين يعتلون المنابر من المبدعين فنهايتهم المنصة، لا يتعدونها، لأن الذي يتصدر المشهد لن يكون منهم في جميع الأحوال... المشهد الثقافي لا يُنتَظرُ بُرؤه في القريب!

*لاقت قصيدتك عن مدينة درنة الحبيبة رواجا كبيرا محليا وعربيا وقد عارضها العديد من الشعراء وتم تسجيلها من قبل العديد من المتابعين فهل ترى أن الشعر يستطيع أن يساهم في التئام الجراح؟

 ـ نعم الشعر يستطيع فعل الكثير، فهو الذي يقدم السلوى، ويشحذ الهمم، ويؤرخ لحاضر الأمة الذي سيصبح ماضيا يوما ما ... وقد سرني هذا الأثر الذي تركته قصيدتي في نفوس القراء والشعراء أيضا، وبخاصة تلك المعارضات لقصيدتي من الشعراء الكبار، الدكتور الشاعر محمد بوجار الله والأستاذ الشاعر إبراهيم مسعود المسماري والأستاذة الشاعرة فاطمة حميد العويمري وغيرهم ممن تصلني قصائدهم تباعا، ودرنة تستحق منا الكثير في هذا المصاب الجلل.

*هناك من يرى أن إصدار الدواوين هو إثبات للذات فما تعليقك على ذلك؟

ـ إصدار الدواوين في هذا الزمن هو مجرد شرعنة للشاعر، وإثبات لإسمه بقائمة الكتاب، لكن منصات التواصل هي الموزع الحق لما يكتبه الشاعر، والأسرع انتشارا محليا ودوليا..

*ما هي الأسباب التي أدت إلى الحدّ من انتشار الكتاب والتجأ الناس إلى وسائل الاتصال الحديثة؟

ـ هناك عدة أسباب منها مثلا تكلفة الكتاب لأنه من الصعب شراء جميع الكتب لجميع الكتاب، لكنك تستطيع الآن متابعة كل ما ينشر على منصات التواصل ومحركات البحث وتكتفي فقط بشراء ما تحتاجه للعمل عليه أو دراسته، ومن الأسباب أيضا صعوبة الحصول على الكثير من الكتب لشعراء عرب لا تتوفر كتبهم لديك، أضف إلى ذلك أنك في مواقع التواصل أحيانا تقرأ قصيدة أو قصة كتبها صاحبها منذ يوم أو يومين، في حين أنك قد تحتاج لانتظار سنوات حتى تجمع تلك الأعمال في كتاب فضلا عن أن تصل إليك!

*أي من أصناف الشّعر هي الأقرب اليكم؟

ـ من حيث الشكل هو الشعر العمودي ومن حيث الموضوع فأنا أحبذ الشعر العاطفي.

*هل كان لبعض الشعراء تأثير عليك في بداياتك؟

ـ نعم. أمير الشعراء أحمد شوقي والشاعر علي محمود طه، وعدد من الشعراء الإحيائيين والرومانسيين أيضا...

* ما أحبّ قصائدك إلى قلبك؟

ـ هذا سؤال صعب فكل قصائدي أحبها... لَعلِّي أقدم قصيدتي (عاصفة عين) أو (حُسنٌ ومكر).

*كلمة تحب توجيهها إلى القراء.

 ـ أقول لهم ليس كل القراء متذوقين، وليس كل المتذوقين شعراء، فإن لم تكونوا شعراء فلا أقل من أن تكونوا متذوقين بحق! وأكبر خدمة تقدمونها للشعر والأدب بعامة في هذه الأيام أن تميزوا الغثَّ من السمين، والمدَّعين من المبدعين.

وُلد الشاعر عصام الفرجاني عام 1983م ودرس الإعدادية والثانوية بمركز المتفوقين، تخرج من كلية الصيدلة بجامعة العرب الطبية، وتحصل على الماجستير في علم الأحياء الدقيقة.

كتب الشعر العمودي والتفعيلة منذ عام 1999م، وشارك بالعديد من المسابقات الأدبية على المستوى الوطني والوطن العربي، حيث بدأ كبيرا ومميزا.

يُعتبر الفرجاني ظاهرة أدبية وقد أتقن علم العروض والنحو عندما كان شابا يافعا، وسبق جيله بمراحل، وكان أحد الشعراء البارزين في جامعة العرب الطبية، حيث كان الشعر يقرض هناك، من خلال الأنشطة الطلابية التي كانت تدار من قبل قسم النشاط الجامعي.

 (وال - بنغازي)