Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

اكتشاف أثري شمالي العراق يسلط الضوء على تعايش الأديان قبل ظهور الإسلام

نشر بتاريخ:

فرنكفورت – 26 ديسمبر 2025 (وال) - كشفت دراسة أثرية حديثة عن أدلة مادية لافتة توثق نمطًا من التعايش الديني السلمي في شمال العراق قبل نحو 15 قرنًا، حيث أظهرت النتائج أن رهبانًا مسيحيين عاشوا جنبًا إلى جنب مع أتباع الديانة الزرادشتية خلال فترة الإمبراطورية الساسانية، دون مؤشرات تُذكر على صراعات دينية.

وأعدّ الدراسة فريق من علماء الآثار من جامعتي فرانكفورت وإرلانغن–نورنبيرغ الألمانيتين، ضمن أعمال تنقيب ميدانية في موقع أثري بإقليم كردستان العراق، وفق ما نشرته مجلة "لايف ساينس" العلمية.

وتركزت الأبحاث في موقع يُعرف باسم "غيرد-ي كزهاو"، حيث جرى تحليل مجمع معماري اكتُشف عام 2015 ويعود تاريخه إلى نحو عام 500 ميلادي، ظل الغرض الوظيفي له محل نقاش علمي لسنوات.

وأظهرت أعمال التنقيب وجود أعمدة حجرية مربعة مكسوة جزئيًا بالجص الأبيض، إضافة إلى جدران مدفونة كشفت عنها المسوحات الجيوفيزيائية، ما يرجح أن الموقع كان جزءًا من مجمع ديري مسيحي متكامل يعود إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديين.

كما عُثر على جدران من الطوب وأرضيات متعددة الطبقات، إلى جانب أعمدة تعكس مخططًا معماريًا ثلاثي البلاطات، يتوسطه صحن رئيسي يمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وهو تصميم شائع في الكنائس المسيحية المبكرة في المنطقة.

وشملت المكتشفات غرفة ذات أرضية من الطوب المحروق تنتهي بحنية نصف دائرية، فضلًا عن قطع فخارية مزخرفة بصليب مالطي، ما عزز الدلائل على الطابع المسيحي للموقع.

وتكمن الأهمية الاستثنائية لهذا الكشف في القرب المكاني بين المجمع الديري المسيحي وتحصين ساساني مجاور يعود إلى الفترة ذاتها، الأمر الذي يدعم فرضية وجود تعايش ديني بين المسيحيين والزرادشتيين في بيئة ريفية خلال العصر الساساني.

ويرى الباحثون أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لدراسة التحولات الدينية اللاحقة في شمال العراق، ولا سيما ما يتعلق بتوقيت وظروف انتشار الإسلام في المجتمعات الريفية.

ويأتي هذا العمل ضمن مشروع بحثي أوسع لدراسة المستوطنات الريفية في سهل شهرزور، وهي مناطق لم تحظَ سابقًا باهتمام أثري كافٍ مقارنة بالمراكز الحضرية، إذ يسعى الفريق إلى إعادة بناء صورة أكثر شمولًا للحياة الاجتماعية والاقتصادية للسكان القدماء باستخدام مناهج أثرية حديثة خلال المواسم المقبلة.

....( وال ) ....