Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

ذكرى استقلال ليبيا تستحضر مسيرة النضال وبناء الدولة

نشر بتاريخ:

تقرير: أحلام الجبالي

بنغازي 24 ديسمبر 2025 (وال) - تحل الذكرى الرابعة والسبعين لاستقلال ليبيا، مستحضرةً واحدة من أكثر اللحظات رسوخًا في الذاكرة الوطنية، حين أعلن الملك إدريس السنوسي، رحمه الله، في صباح الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1951، من شرفة قصر المنار بمدينة بنغازي، ميلاد الدولة الليبية المستقلة، بعد عقود طويلة من الاحتلال والمعاناة والنضال.

في ذلك الصباح الشتوي، ازدحمت ساحة القصر بليبيين أنهكهم الانتظار، وعلّقوا آمالهم على لحظة طال ترقبها،لم يكن الإعلان مجرد بيان سياسي، بل نهاية حقبة استعمارية وبداية عهد جديد، رسّخ سيادة ليبيا ووحدتها على خريطة العالم.

و أكد رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة بنغازي علام الفلاح في تصريح لوكالة الأنباء الليبية أن إعلان الاستقلال، لم يكن حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل تتويجًا لمسيرة نضال طويلة دفع الليبيون ثمنها دمًا وتشريدًا وصبرًا.

وأوضح أن جذور الحكاية تعود إلى الغزو الإيطالي لليبيا في الخامس من أكتوبر عام 1911، مشيرًا إلى أن الليبيين واجهوا الاحتلال بمقاومة وطنية شرسة استمرت قرابة ثلاثين عامًا، وشهدت معارك ضارية في مختلف مناطق البلاد.

وأضاف أن راية الجهاد حملها في بداياتها القائد أحمد الشريف السنوسي، ثم تسلمها شيخ الشهداء عمر المختار، إلى جانب نخبة من القادة الوطنيين، من بينهم سليمان الباروني، وأحمد المريض، وعبد النبي بالخير، ورمضان السويحلي، وأحمد سيف النصر، وغيرهم من رموز المقاومة الذين واجهوا آلة الاستعمار بإصرار وتضحية.

وأشار رئيس قسم التاريخ إلى أن النضال الليبي لم يقتصر على الكفاح المسلح، بل امتد إلى العمل السياسي والفكري، عبر سلسلة من المؤتمرات الوطنية التي هدفت إلى ترسيخ الوحدة وتحديد الموقف الوطني، من أبرزها مؤتمر العزيزية عام 1912، ومؤتمر مسلاتة الأول عام 1918، ومؤتمر غريان عام 1920، ومؤتمر سرت عام 1922، إضافة إلى مؤتمر فيكتوريا بالإسكندرية عام 1939، واجتماع القاهرة عام 1940، ثم مؤتمر مسلاتة الثاني عام 1949، ومؤتمر تاجوراء عام 1950.

وبيّن الفلاح أن استشهاد الشيخ عمر المختار عام 1931 شكّل منعطفًا مؤلمًا في مسيرة المقاومة، إذ تفرّق المجاهدون، ما دفع الأمير إدريس السنوسي، والزعامات الليبية في المهجر، إلى تكثيف النشاط السياسي، خاصة مع اندلاع الحرب العالمية الثانية.

وأوضح أن الليبيين تحالفوا مع قوات الحلفاء، وساهموا بفاعلية في معارك شمال أفريقيا، التي انتهت بانتصار الحلفاء عام 1943، ولا سيما معركة العلمين، التي غيّرت موازين القوى في المنطقة ومهّدت لمرحلة جديدة في القضية الليبية.

وتابع، أن مرحلة ما بعد الحرب شهدت نشوء أحزاب وهيئات سياسية ليبية طالبت بالاستقلال ووحدة التراب الوطني، مؤكدًا أن هذه القوى، رغم اختلافها حول شكل الحكم، أجمعت على هدف واحد هو استقلال ليبيا.

وتوّجت هذه الجهود بطرح القضية الليبية أمام جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة، ما أسفر عن صدور القرار الدولي رقم (289) في 21 نوفمبر 1949، الذي نص على استقلال ليبيا في موعد أقصاه الأول من يناير 1952.

وأكد علام الفلاح أن الليبيين سارعوا إلى تنفيذ القرار الدولي، فشُكّلت لجنة الواحد والعشرين، ثم الجمعية الوطنية التأسيسية، التي انبثقت عنها لجنة صياغة الدستور، موضحًا أن دستور ليبيا عُدّ آنذاك من أرقى الدساتير الاتحادية، وشكّل الأساس القانوني لقيام الدولة.

واختتم الفلاح حديثه بالتأكيد على أن استكمال هذه المتطلبات مهّد للحظة التاريخية الخالدة، حين أُعلن استقلال ليبيا وسيادتها في 24 ديسمبر 1951.

وشدد على أن الاستقلال لم يكن منحة، بل ثمرة تضحيات الليبيين وإرادتهم، داعيًا إلى استحضار هذه الذكرى لتعزيز الوحدة الوطنية وحماية سيادة البلاد.