صندوق النقد: انخفاض أسعار النفط وارتفاع الإنفاق يفاقمان العجز المالي في ليبيا
نشر بتاريخ:
طرابلس 17 نوفمبر 2025 م (وال) - نبه خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن انخفاض أسعار النفط العالمية وارتفاع الإنفاق العام قد يؤديان إلى استمرار تفاقم عجز المالية العامة والحساب الجاري في ليبيا .
جاء ذلك في بيان صحفي صدر عن الصندوق تحت رقم ( 376 – 25 ) في ختام زيارة قام بها فريق من خُبراء صندوق النقد الدولي بقيادة ستيفاني إيبليه إلى العاصمة التونسية من 10 إلى 14 نوفمبر الجاري لمُناقشة آخر التطورات الاقتصادية وآفاق الاقتصاد الكلي في ليبيا، وأولويات الإصلاح التي حددتها السلطات
واستهل البيان بسرد بعض استنتاجات الفريق ومنها أن زيادة إنتاج النفط تؤدي إلى نُموّ إجمالي الناتج المحلي في ليبيا في عام 2025 لكن من المُتوقّع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط العالمية وارتفاع الإنفاق العام إلى استمرار تفاقم عجز المالية العامة والحساب الجاري ، كما أن الانقسامات السياسية طويلة الأمد حالت دون اعتماد ميزانية مُوحّدة، وأن استمرار الإنفاق غير المُقيّد فرض ضغوطا على سعر الصرف والاحتياطيات لدى المصرف المركزي.
ولفت البيان الصحفي إلى أنه على الرغم ما اتّخذه مصرف ليبيا المركزي من خُطوات لتنظيم سوق الصرف الأجنبي، إلا أن عدم وضع قيود على الإنفاق لا يزال يمثل التحدي الأكبر أمام السياسات.
وأوضح البيان أن زيادة إنتاج النفط في عام 2025 أدت إلى دعم نمو إجمالي الناتج المحلي، بينما ظل الإنفاق من المالية العامة مُرتفعا ،مبينا أن الانقسامات السياسية الجارية حالت دون اعتماد ميزانية مُوحدة، مما أدى إلى استمرار مستوى الإنفاق بشكل غير مُقيد، بعد تسجيل مستويات إنفاق مرتفعة للغاية بالفعل في عام 2024. مما تسبب في استمرار العجز الكبير في حساب المالية العامة والحساب الجاري، نتجت عنه ضغوط على الاحتياطيات لدى المصرف المركزي واتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي. وبرغم كل هذه الضغوط، ظلت مستويات الاحتياطات الدولية في مستويات مريحة، ولا يزال معدل التضخم المُعلن عنه منخفضا.
وأشار بيان خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن الآفاق الاقتصادية في ليبيا تشوبها حالة كبيرة من عدم اليقين مع ميل المخاطر نحو التطورات السلبية ، حيت من المُتوقّع أن يستمر العجز المزدوج في المالية العامة والحساب الجاري على المدى المتوسط ، مبينا أن المخاطر تتعلق بشكل أساسي بتزايد الإنفاق غير المنضبط واستمرار التشرذم السياسي ، وعلاوة على ذلك، فنظرا لاعتماد ليبيا على إيرادات النفط حتى يتمكن الاقتصاد من تنويع مصادر نمو، هناك حاجة إلى الاستثمار بقدر كافٍ في قطاع النفط للمحافظة على مستويات الإنتاج الحالية.
وأكد البيان أن التوصل إلى اتفاق بشأن اعتمادات الإنفاق من المالية العامة تتسق مع تحقيق التوازن الداخلي والخارجي يمثل أولوية قصوى على مستوى السياسات في ليبيا. وينبغي أن يتم ذلك في سياق ميزانية موحدة تدعمها إصلاحات شاملة للإنفاق .
وشدد البيان على أن المنصة المركزية للدفع الآني للأجور التي تم إطلاقها مؤخرا تشكل خطوة جديرة بالترحيب نحو تعزيز الشفافية والحد من الفساد وتعزيز الرقابة على فاتورة الأجور ، داعيا السلطات الليبية على جعل هذه المنصة هي القناة الرئيسية لدفع الأجور وتوسيع نطاق هذا الإصلاح ليشمل فئات أخرى من الإنفاق. ومن المهم أيضا أن تسترشد أي استثمارات مستقبلية بخطة استثمارية شفافة متعددة السنوات ومحددة الأولويات، وتتسق مع الحيز المالي المتاح والطاقة الاستيعابية للاقتصاد. هذا كما أن معالجة إصلاح الدعم الذي طال انتظاره يظل أولوية مهمة على مستوى السياسات.
وتطرق البيان إلى الإجراءات التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي للحد من الضغوط الناجمة عن ارتفاع الإنفاق المالي على سعر الصرف ، ومنها ضخ السيولة بعملات أجنبية ، وإصدار تراخيص جديدة لمكاتب الصرافة بهدف إضفاء الطابع الرسمي على السوق ، واستكمال عملية سحب الأوراق النقدية المزيفة في سبتمبر، مما سيُساعد في الحفاظ على سلامة نظام الدفع ، كما رفع مصرف ليبيا المركزي نسبة الاحتياطي الإلزامي إلى30%، ونسبة السيولة إلى 35%، وأصدر شهادات استثمار جديدة متوافقة مع الشريعة الإسلامية لامتصاص السيولة الزائدة.
وشدد البيان الصحفي على ضرورة توفير مزيد من أدوات السياسة النقدية لتمكين المصرف المركزي من إدارة السيولة الزائدة والعمل على نحو استباقي لمواكبة الوضع الاقتصادي الكلي المتغير ، معربا عن تطلع خبراء الصندوق إلى وضع استراتيجية الشمول المالي التي ستدعم جهود مصرف ليبيا المركزي نحو مواصلة التوسع في اعتماد وسائل الدفع الرقمية ، ومن الضروري التأكيد على أهمية احتفاظ مصرف ليبيا المركزي باستقلاليته، على خلفية من السياق الاقتصادي المحفوف بالمصاعب، من أجل المحافظة على الاستقرار المالي وثقة السوق.
وأختتم البيان بالتأكيد على أن صندوق النقد الدولي سيظل ملتزما بتقديم المساعدة لتنمية قدرات السلطات الليبية لمواجهة بعض هذه التحديات، بما في ذلك إعداد الحسابات القومية، وإحصاءات الأسعار، وأدوات السياسة النقدية، والإدارة المالية العامة، فضلا على الرقابة المصرفية.
ورحب خبراء الصندوق بشكل خاص بمبادرة مصرف ليبيا المركزي للاشتراك في ميثاق شفافية البنوك المركزية الصادر عن الصندوق، والذي يمكن أن يساعد في تعزيز إطار المصرف للشفافية والمساءلة بما يتماشى مع الممارسات الدولية الجيدة ، وتطلعهم إلى عقد مشاورات المادة الرابعة القادمة والتي من المتوقع أن تُعقد في ربيع عام 2026.
وحسب الصفحة الرسمية لصندوق النقد فأن البيانات الصحفية التي تصدر في ختام بعثات صندوق النقد الدولي، و تضم تصريحات صادرة عن فِرَق خبراء الصندوق بشأن الاستنتاجات الأولية المستخلصة بعد زيارة البلد المعني. وتعبر الآراء الواردة في هذا البيان عن وجهات نظر خبراء الصندوق ولا تمثل بالضرورة آراء مجلسه التنفيذي. ولن تترتب على هذه البعثة مناقشة في المجلس التنفيذي.
( وال)