تقرير صحفي : عندما تتعارض السياسات الربحية مع جهود مكافحة التدخين وتقليل الضرر في ليبيا
نشر بتاريخ:
طرابلس 16 سبتمبر 2025 م ( وال) – سلط تقرير صحفي الضوء عن مخاطر التبغ على الصحة العامة ، وفشل العديد من الإجراءات والجهود لمكافحة اتساع واستفحال عادة التدخين في ليبيا ، وخاصة في صفوف الشباب والنساء ، والأطفال النشء .
واستهل التقرير الذي أعدته الصحفية " ربيعة الحباس " وتلقت (وال) نسخة منه أنه في ليبيا، كما هو الحال في العديد من البلدان ذات الدخل المتوسط، لا يزال التدخين يشكل تحديًا كبيرًا للصحة العامة ، حيت يبلغ معدل انتشار التدخين بين البالغين حوالي 21%، لتبلغ نسبة المدخنين بين الرجال ( 38.6 ) % ، مقابل ( 1.5) % فقط من النساء ، أما بين الفئة العمرية من 10 إلى 14 سنة، فتصل نسبة التدخين إلى (6.4) %، مع انتشار أعلى بين الذكور (9.5%) مقارنة بالإناث (3.4%).
وأشار التقرير إلى أنه في عام 2021، تسبب التدخين في وفاة ( 4,776 ) شخصًا، أي ما يعادل ( 10.3) % من إجمالي الوفيات في البلاد
* أزمة صحية صامتة.
وحسب كاتبة التقرير فأنه وفقًا لأحدث بيانات معهد القياسات الصحية والتقييم، يُقدّر أن التبغ يتسبب في وفاة أكثر من أربعة آلاف وسبعمائة شخص سنويًا في ليبيا ، وأن الأرقام تظهر أن نسبة المدخنين بين الرجال تتجاوز 38%، وهو مؤشر مقلق ، لافتة إلى الضرر لا يقتصر على الجانب الصحي فقط، بل يشكل التدخين عبئًا اقتصاديًا كبيرًا من حيث تكاليف العلاج، وانخفاض الإنتاجية، وتدهور أوضاع الأسر.
• سياسة مرهونة بمصلحة السوق والربح .
ليبيا من الدول الموقعة على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، وهي معاهدة دولية تقودها منظمة الصحة العالمية تهدف إلى الحد من استهلاك التبغ عبر إجراءات صارمة مثل حظر الإعلانات، وزيادة الضرائب، والتحذيرات الصحية ، ورغم هذه الإجراءات، إلا أنها فاعليتها تُظهر محدوديتها عند التعامل مع الفئات المدمنة على السجائر.
وقال التقرير إن المشكلة، كما يشير العديد من الخبراء، تكمن في الرفض القاطع من قبل منظمة الصحة العالمية والاتفاقية الإطارية لإدراج المنتجات منخفضة المخاطر ضمن استراتيجياتهما. فالسجائر الإلكترونية، والتبغ المُسخن، وأكياس النيكوتين، جميعها تُعامل كأنها مساوية للسجائر التقليدية من حيث الضرر، وهو موقف مصلحي وأخلاقي أكثر منه علمي.
• فرص ضائعة مع المنتجات البديلة.
ولفتت كاتبة التقرير إلى أن المنتجات البديلة ساهمت في عدة دول في خفض معدلات التدخين بشكل ملحوظ ، مستشهدة بعدة نماذج
ا- لسويد: أول دولة أوروبية تحقق هدف "دولة خالية من التدخين" بنسبة أقل من 5% بين السكان الأصليين، بفضل اعتمادها على منتجات أقل ضررًا مثل "سنوس"، والسجائر الإلكترونية، وأكياس النيكوتين. وقد انخفضت معدلات الوفيات المرتبطة بالتبغ بنسبة 39.6% مقارنة بمتوسط الاتحاد الأوروبي.
- اليونان: شهدت انخفاضًا بمقدار 6 نقاط في معدل التدخين خلال ثلاث سنوات بعد دمج استراتيجية تقليل الضرر في السياسة الوطنية، وسمحت باستخدام ادعاءات صحية مثبتة علميًا لمنتجات التبغ المُسخن.
- التشيك: سجلت انخفاضًا بمقدار 7 نقاط في معدل التدخين بين عامي 2021 و2024، بعد دمج تقليل الضرر في استراتيجيتها الوطنية للإدمان، مما ساهم في تحسين الصحة العامة.
• استمرارية المخاطر في منتجات النيكوتين.
وتري الصحفية " ربيعة الحباس " أن مفهوم "استمرارية المخاطر" إلى أن منتجات النيكوتين والتبغ تختلف في مستوى الضرر الذي تسببه. فالسجائر التقليدية تُعد الأكثر ضررًا بسبب الاحتراق وإنتاج المواد السامة، بينما تُظهر الدراسات أن البدائل مثل السجائر الإلكترونية، والتبغ المُسخن، وأكياس النيكوتين قد تكون أقل ضررًا، خاصة إذا استُخدمت كوسيلة للإقلاع أو تقليل الاستهلاك ، ومع ذلك، فهي ليست خالية من المخاطر، ويجب أن تُستخدم ضمن إطار تنظيمي صارم يضمن حماية غير المدخنين والشباب.
• دعوات لتبني نهج أكثر توازنًا .
ووفقا للتقرير فأن بعض العاملين في القطاع الصحي الليبي بدوءا في التشكيك بهذا النهج المتشدد، معتبرين أن الوقت قد حان لتجاوز التفكير الثنائي القائم على "كل شيء أو لا شيء"، فإذا لم يتمكن المدخن من الإقلاع أو لم يرغب بذلك، فإن تقديم بديل أقل ضررًا يُعد خيارًا منطقيًا ، في الوقت الذي يطالب فيه الباحثون، وجمعيات مستهلكين، وحتى مسؤولون سابقون في منظمة الصحة العالمية، بإصلاح الاتفاقية الإطارية، منتقدين غياب الشفافية ورفض الحوار العلمي.
وترى كاتبة التقرير أن هلا يمكن اختزال مكافحة التدخين في المنع فقط في ليبيا، كما في غيرها، وأنه آن الأوان لتبني نهج أكثر توازنًا، يستند إلى العلم ويركز على صحة الفرد ، ويتجاهل البدائل يعني الحكم على آلاف المدخنين بالموت لأسباب يمكن تجنبها ، فالجمود لا ينقذ الأرواح ، فيما الابتكار يفعل.
• السيادة الوطنية والاستراتيجية المحلية.
واختتمت الصحفية " ربيعة الحباس " تقريرها بمطالبة صناع القرار الليبيون قراراتهم بشكل مستقل فيما يتعلق بمكافحة التدخين ، وبتطوير استراتيجية وطنية تأخذ في الاعتبار السياق المحلي، الثقافي والاجتماعي، لضمان فعالية السياسات وتحقيق نتائج صحية مستدامة ، مؤكدة أن السيادة والمصلحة الصحية تقتضي أن تكون السياسات مبنية على الأدلة العلمية وتخدم مصالح المواطنين الليبيين أولاً .
(وال )