أسواق المدينة القديمة في طرابلس تتحول إلى لوحات فنية لاستقبال المولد النبوي الشريف وسط استمرار الجدل بين المحبين .
نشر بتاريخ:
متابعة وتصوير : أميرة التومي - ساسية اعميد.
طرابلس 04 سبتمبر 2025 (وال) – ازدانت محلات المدينة القديمة بطرابلس على مستوى باب الحرية وسوق المشير ورواق الحرية (قاليريا ماريوتي سابقا)، وتحولت إلى لوحات فنية ساحرة، بعرض الدفوف والطبول والدرابيك بمختلف أحجامها والقناديل والفوانيس والشموع والخميسات والعرائس وألعاب الأطفال البسيطة استعدادا لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف الذي اعتاد الليبيون على الاحتفال به على مر العصور في المساجد والزوايا والأزقة والساحات والبيوت.
رجال ونساء فرادى ومصحوبين بأطفالهم يخرجون إلى هذه الأسواق الشعبية في مثل هذه الأيام من كل عام لشراء المستلزمات المتصلة بإحياء هذه المناسبة والتعبير عن الفرحة بذكرى مولد النبي الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وقالت فاطمة مصطفى (مدرسة وأم لأربعة أطفال)، اصطحبت ابنتها ذات الـ 10 سنوات، اليوم الخميس، لوكالة الأنباء الليبية (وال) إنها اعتادت الخروج إلى سوق باب الحرية والأسواق المجاورة في مثل هذه المناسبة لشراء بعض القناديل والشموع والخميسات لأطفالها الصغار لإحياء ليلة المولد النبوي الشريف في البيت، مؤكدة أن والدها كان يصطحبها إلى هذه الأسواق في طفولتها.
ورصدت مراسلة لوكالة الأنباء الليبية تجولت اليوم الخميس عشية ذكرى المولد لهذا العام، في هذه الأسواق ازدحاما كبيرا لنساء ورجال مصحوبين بأطفالهم الصغار لشراء مستلزمات الاحتفال حيث كانت الأسواق مكتضة بالمتسوقين الباحثين عن الهدايا لأطفالهم، رغم ارتفاع ملحوظ في الأسعار مقارنة بالسنة الماضية، وفق عبد السلام المرغني(47 عاما، موظف بشركة اتصالات في طرابلس) الذي كان يرافقه ابنه ذي الـ 8 سنوات وكان يلح عليه لشراء القنديل وما يسمى بـ "نجوم الليل" و"الخط ولوح" فاستجاب والده لجميع مطالبه باستثناء "الخط ولوح" وهو عبارة عن "أصابع متفجرة" دخلت البلاد خلال العقود الثلاثة الماضية من الصين وتصل إلى ما يشبه "الديناميت" وتسببت في حوادث كارثية وصلت إلى الموت.
وأبلغ مصطفى إسكندر أحد مريدي ما يُعرف بـ "الزاوي الصغيرة"، مراسلة وكالة الأنباء الليبية أنه سيتم مساء اليوم الخميس اختتام قراءة ما يُعرف بـ "البغدادي" في مقر الزاوية بالمدينة القديمة، وهي قصائد في مدح النبي، إلا أنه لم يؤكد أو ينفي خروج مختلف الزوايا صباح غد للطواف بشوارع المدينة كما جرت العادة.
يتكرر الجدل في مثل هذا الوقت من كل عام عن حكم إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، وكان هذا الجدل محصورا في السابق في بعض المجلات الصادرة في مصر ودول المغرب العربي خاصة عن الأزهر الشريف والقرويين والزيتونة التي تقول بجواز إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، ودليلهم من القرآن الكريم (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، وتلك الصادرة في السعودية التي تعتبر الاحتفال بدعة محدثة لم يأت بها الخلفاء الراشدون ولم يثبت القيام بها في القرون المفضلة، غير أنه لوحظ بعد ثورة المعلومات وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، خروج هذا الجدل عن سياقه العلمي ومقابلة الحجة بالحجة إلى تطرف فكري وصل إلى حد تكفير طائفة الطائفة الأخرى.
علاوة على الجدل حول حكم إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، ينشغل الكثير من الوعاظ والناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا بدءا من العقود الثلاثة الماضية في بلادنا، بأسئلة سنوية نمطية متعلقة بالمناسبات الإسلامية، منها، زكاة الفطر، مال أم حبوب، وهلال رمضان والعيدين، بالحساب الفلكي أم برؤية الهلال. وتلك غير الإسلامية التي يكون المسلم طرفا فيها كالاحتفال بعيد ميلاد المسيح وتهنئة المسلم لغير المسلم بأعياده الدينية.
لا يختلف المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، غير أن الجدل في إحياء ذكرى ميلاده والاحتفاء به سيظل قائما وتكمن الخطورة، بحسب علماء الوسطية، في المتطرفين، من المجيزين والمحرمين الذين يطلقون العنان في تجاوزهم للبعد الفقهي إلى مساحات من التكفير والتبديع والتضليل المتبادل .
( وال)..