Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

عيد الأضحى يخرج عن بعده الديني وينزلق إلى دائرة الحرج الاجتماعي والمصاعب الاقتصادية

نشر بتاريخ:

متابعة: فريق وال

تصوير: اسماعيل الكوربو

طرابلس 03 يونيو 2025 م ( وال) – تضربُ المناسبات الدينية وخاصة عيد الأضحى ورمضان والعودة المدرسية ميزانيات السواد الأعظم من الليبيات والليبيين الهشة أصلاَ في مقتل، ٍوتفاقمُ من معاناتهم اليومية في ظلِ اشتعال الأسعار وتقلبات السوق الليبي الذي بات منذ عقود مرتهناً لارتفاع العملة الصعبة والانهيار المتواصل للدينار الليبي.

وتعتبر شعيرةُ عيد الأضحى السنة المؤكدة في حكم الوجوب لمعظم العائلات الليبية التي يلجأ أربابها إلى حدٌ الاستدانة لشراءِ الأضحية هرباَ من الحرج والوصمِ بالعار اجتماعيا .

اشتكى المواطن علي العزيبي (موظف يتقاضى مرتبا قيمته 1800دينار، أب لأربعة أطفال) التقاه مراسل لصحيفة (الأنباء الليبية) في سوق الأغنام المقام بتاجوراء من الارتفاع غير المسبوق في سعر الأضحية الذي تراوح بين 2100 إلى ما يقارب 5000 دينار ليبي.

وأضاف العزيبي أنه تجول في أكثر من سوق وكانت الأسعار متقاربة, مشيرا إلى أن مرتبه لا يتيح له شراء الأضحية ناهيك عن توفير بقية مستلزمات العيد ومصاريف أسرته.

وعبر المواطن عبدالله علي (متقاعد يتقاضى 900 دينار كمرتب ضماني شهري) عن استيائه من الارتفاع المبالغ فيه لأسعار الأضاحي التي تفوق قدرة أرباب الأسر.

وانتقد في هذا الصدد غياب تدخل الحكومة للحد من هذه أزمة ارتفاع الأسعار المتفاقمة, مؤكداَ أن استيراد الدولة أغناماَ من الخارج بعيداَ عن تجار الأزمات كان من الممكن أن يسهم في خفض الأسعار وتخفيف العبء عن المواطنين.

 وقال "أتوجه من خلال منبركم إلى السلطات المسؤولة للنظر في أوضاع المواطنين من ذوي الدخل المحدود وتطبيق سياسات تحافظ على التوازن بين دخل الأسر والأسعار وتكف عنا أيدي تجار الأزمات الذين حولوا هذه الشعيرة إلى موسم للربح على حساب أوجاع المواطنين".

لم تكن شعيرة عيد الأضحى في ستينيات القرن الماضي قبل اكتشاف النفط تشكلُ هاجساً للأسر الليبية إلا أنها أضحت في حكم الإلزام بعد ذلك , وباتت الكثير من الأسر لا تكتفي بأضحية واحدة, غير أن صعوبة الأوضاع الاقتصادية دفعت الكثير من الشباب حديثي الزواج إلى إعادة التفكير في كون الأضحية سنة مؤكدة وبحسب الاستطاعة, وذهب أخرون إلى أنها ليست فرضاً لا على الفقير لا الغني.

ويرى الكثير من المراقبين أن عيد الأضحى خرج عن أبعاده الدينية، وعلى رأسها التضحية والفداء، وانزلق إلى دائرة الحرج الاجتماعي والمصاعب الاقتصادية.

وذهب آخرون إلى أن الخلل لا يكمن في كون المناسبات الدينية تشكل عبئاَ على المواطنين بل في تعامل الناس معها بتفكيرِ تطغى عليه التقاليد الاجتماعية التي قد تكون مخالفة للدين الإسلامي مثل لجوء البعض للاقتراض لشراء الأضحية .

وأرجع نوري الرقيعي (مربي أغنام من منطقةِ الهيرة) أسباب ارتفاع الأضاحي هذا العام مقارنة بالعام الماضي إلى الارتفاع في سعر الأعلاف من 180 دينارا للقنطار العام الماضي إلى 250 دينارا هذا العام ما سبب ارتفاع سعر الأضحية هذا العام ,مشيرا باستغراب إلى أن سعر الأضاحي تراوح من 2200 دينار إلى 5000 دينار واصفاً هذا الارتفاع بالموجع للمواطنين.

وطالب الرقيعي جهات الاختصاص بالتدخل لتوفير ودعم سعر الأعلاف ومراقبة أسعارها حتى تحقق استقرارا في سعر الأضحية لتكون في متناول المواطنين.

وقال خالد المرغني (تاجر مواشي) إن الأسعار هذا العام مرتفعة عن العام الماضي بنسبة تراوحت بين 10 و15 في المائة وأرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار الأعلاف تحديدا.

وكشف خالد أن إقبال المواطنين على الشراء لايزال ضئيلاَ ونحن على أبواب العيد بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين الذين يتقاضى معظمهم مرتبات من الدولة تتراوح بين 900 و 3000 دينار.

وقال علي حامد (مواطن من سكان مدينة طرابلس 45 عاماَ عمل حر وأب لأربعة أطفال) إن الأسعار هذا العام مبالغ فيها مؤكداَ أن المواطن الذي يتقاضى مرتباً من الوظيفة العمومية من الصعب أن يؤدي هذه الشعيرة.

وطالب حامد المسؤولين بذل مجهودات واتخاذ خطوات من شأنها أن تخفف الأعباء على المواطنين من خلال توفير الأعلاف وتحمل جزء من تكاليف الأضحية ليتمكن أصحاب الدخل المحدود من إدخال البهجة على أطفالهم وفق ما تفرضه الالتزامات الاجتماعية.

وأحتج المواطن عبد الكريم مسعود (صاحب أسرة تتكون من أربعة أفراد) على أسعار الأضاحي المرتفعة للعام الثالث على التوالي في غياب تام للأجهزة الرقابية ما جعل التجار يتحكمون في الأسعار وتحميل كافة الأعباء على المواطن.

وأضاف عبدالكريم أنه لا يتقاضى مرتبا وليس لديه وظيفة في الدولة إذ كان يتقاضى بدل الحافظة الاستثمارية التي تبلغ 500 دينار وتساعده في تغطية الكثير من احتياجات أسرته وقتذاك.

وأضاف" عندما توقفت الحافظة عام 2012 توجهت للعمل الخاص لكنه لا يمكنني من توفير كافة الاحتياجات الأسرية بسبب الارتفاع المشط للأسعار".

وأكد أستاذ الدراسات الإسلامية الشيخ الدكتور محمد بالأشهر في رده على سؤال لصحيفة (الأنباء الليبية) عن مدى الالتزام بهذه الشعيرة وسط الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، أن إحياء المناسبات الدينية لا علاقة له بموجات غلاء الأسعار في ليبيا المرتبطة بنظام السوق واستشراء الفساد ونهب المال العام.

وأضاف بالأشهر أن إحياء شعيرة الأضحية أمر مستحب ولكنه لا يرتقي إلى درجة الفرض كما يشاعٍُِِ ,مؤكداً أن ما يجري في السوق الليبي وما سمعناه عن وصول سعر الأضحية إلى 5000 دينار يعودُ إلى عوامل عدة منها غياب الدولة ومؤسساتها وجشع التجار.

ويتساءل المسلمون أينما وجدوا في دول العالم الإسلامي عموما بمرارة , وفي ليبيا بمرارة وغصة , عن أسباب الارتفاع المشط للأسعار في المناسبات الدينية في حين تميل الأسعار للانخفاض بشكلٍ كبير في المناسبات والأعياد في الدول غير الإسلامية نظرا لكون الناس يتهافتون على اختلاف دينهم بأعدادٍ كبيرة لشراء ما يلزمهم لإحياءِ هذه المناسبات.

ويرى مراقبون أن التجار في العالم الاسلامي يرون في عيد الأضحى ورمضان وعيد الفطر والعودة المدرسية فرصةَ لرفع الأسعار أمام الطلب المتزايد إدراكاً منهم أن الشعوب الإسلامية متمسكة بإحياءِ شعائر الله ومضطرة للرضوخِ لقوانين التجار الجشعين رغم هشاشة أوضاعهم الاقتصادية.

 (وال)