Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

خبير اقتصادي ليبي لـ (وال) : الاهتمام بالمركزي ومؤسسة النفط يحتاج إلى دولة وحكومة شرعية منتخبة وسلطات وأجهزة أمنية تعمل بعقيدة حماية البلاد ومواردها .

نشر بتاريخ:

حوار وتصوير: ساسية اعميد

طرابلس 09 ابريل 2025 م ( وال) – أكد رئيس مجلس إدارة الأكاديمية الليبية للحوكمة، الخبير الاقتصادي، عبد الرحيم الشيباني أهمية حوكمة الموارد وتوجيه الاستثمارات إلى قطاعات الزراعة والثروة البحرية والاستثمار في تنمية الموارد البشرية واستدعاء الكوادر الليبية في الخارج لمحاولة الخروج من الأزمات الخانقة التي يتخبط فيها الاقتصاد الليبي والانهيار الحر لسعر صرف الدينار.

وقال الشيباني في مقابلة مع وكالة الأنباء الليبية أمس الثلاثاء إن ليبيا بحاجة إلى دولة وسلطات وجهاز تنفيذي يعمل على حماية موارد البلاد مؤكدا أن الخلل في إدارة الإرادات وليس في الانفاق.

ورأى أن الخطوة التي قام بها المصرف المركزي هي خطوة ونتيجة منطقية وطبيعية لمؤسسة مناط بها بالدرجة الاولي المحافظة علي الاستدامة المالية سواء كانت من العملة المحلية او العملة الصعبة.

وكان مصرف ليبيا المركزي أعلن الأحد الماضي في بيان رسمي خفض سعر صرف الدينار الليبي بنسبة 13.3% ليصبح 5.5677 دنانير مقابل الدولار الأميركي، وهو أول خفض رسمي منذ عام 2020، عندما تم تحديد السعر عند 4.48 دنانير للدولار.

ويأتي هذا الإجراء في ظل استمرار الضغوط المالية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والانقسام المؤسسي في بلادنا، وأدى على الفور إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية التي تهدد كيان الدولة حيث بلغ سعر صرف الدينار بتاريخ اليوم الثلاثاء 7.33 دنانير مقابل الدولار الأميركي، ما يعمق الأزمة المالية ويهدد باشتعال جديد وغير مسبوق لأسعار المواد الأساسية، ويرهق كاهل المواطن الليبي.

 ولاحظ الخبير الاقتصادي الليبي أن البيانات والتقارير التي صدرت عن مصرف ليبيا المركزي مؤخرا وتحديدا خلال الثلاثة أشهر الأخيرة بيًنت وجود خلل في ميزان المدفوعات وعجز بين الإيراد والإنفاق وبين ما تم استخدامه من العملة الصعبة مقابل ما تم تحوليه من المؤسسة الوطنية للنفط مشيرا إلى أنه كان متوقعا أن يتم اتخاذ خطوة من شأنها أن تحافظ علي الاستدامة المالية لتغطية التزامات ونفقات الحكومة بأبواب الميزانية الأربعة التي تبدأ ببند المرتبات وهذا أهمها.

وتابع أن مصرف ليبيا المركزي قد يكون أصبح اليوم هو المؤسسة الوحيدة في هيكلية الدولة الليبية الذي يحاول أن يدافع عن الاستدامة المالية وقيمة العملة المحلية وهي في الأساس مهمة يشترك فيها ويتحمل مسؤوليتها أكتر من طرف في هيكلية الدولة إلى جانب مسؤولية الإرادات وهي من صميم مهام الحكومة التي يتعين عليها أن تحقق ايرادا للخزانة العامة لتغطية مصاريفها في شكل قانون ميزانية معتمد من مجلس النواب غير أن الحكومة، بحسب الشيباني، تعتمد على المورد الوحيد وهو النفط بنسبة 95 في المائة، كما هو معروف، دون الاهتمام بالإيرادات السيادية الأخرى مثل الضرائب والجمارك.

واستشهد الشيباني بالبيانات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي ليؤكد أن العجز بلغ حوالي 200 في المائة مبينا أن آخر تقرير صادر عن المركزي عن النصف الأول من شهر مارس تحدث عن بيع ما قيمته 2.4 مليار دولار في الوقت الذي تم فيه جباية 778 مليون دولار فقط في نفس الفترة من المؤسسة الوطنية للنفط، أي ثلث ما تم إنفاقه واصفا ذلك بالأمر الخطير.

ورصد الخبير الاقتصادي الليبي أنه لا توجد بيانات من المؤسسة الوطنية للنفط منذ مطلع العام 2024 وبالتالي فإن بيانات مصرف ليبيا المركزي هي المرجعية الوحيدة الموثوقة باعتبارها صادرة عن مؤسسة رسمية.

واستغرب في هذا الصدد أن يُصدر مصرف ليبيا المركزي بيانات متعددة منذ مطلع العام بدل البيانات ربع السنوية أو نصف السنوية والسنوية، مشيرا إلى أن ذلك كان في اعتقاده بمثابة دق ناقوس خطر عن استفحال الأزمة المالية في البلاد ونداء استغاثة وايقاظ لصناع القرار لما قد يقدم عليه المصرف المركزي من إجراءات موجعة سيدفع المواطن والاقتصاد الكلي للدولة ومختلف المؤسسات والمنتجون والمستوردون للمواد الخام والمصنعون المحليون والمزارعون ثمنها، وستطال كافة الأدوات الإنتاجية باعتبار أن اغلب ما يستهلكه السوق المحلي الليبي مستورد بالكامل تقريبا.

وفي رده على سؤال عن أسباب هذا العجز قال الشيباني إن البيانات الرسمية قالت إن الحكومة دعمت المؤسسة الوطنية للنفط بما لا يقل عن 50 مليار دينار لتطوير القطاع ولزيادة الإنتاج وهي مبالغ ضخمة وفي المقابل كان هناك ارتفاع طفيف في كميات الإنتاج بأصنافه الثلاثة، خام ومكثفات وغاز، وصل إلى حوالي 1،4 مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع كان طفيفا بالمقارنة مع مبلغ الانفاق.

 وقال إن الإيرادات النفطية المعتادة في 2021، 2022، 2023، لم تقل عن 23 مليار دولار في السنة إلا أنها بلغت 16 مليار دولار سنة 2024، أي بانخفاض بحوالي 30 في المائة في الوقت الذي تتحدث فيه بيانات المؤسسة الوطنية للنفط عن ارتفاع في الإنتاج، ما يشيء بوجود خلل ما يستوجب طرح سؤال مشروع أين ذهبت الأموال.

وتحدث في هذا الصدد عن موضوع ما يُعرف بالمبادلة الذي لجأت إليه الحكومة لمبادلة المحروقات التي تستوردها بالنفط الخام لتجنب تأخير تسديد فواتير الموردين وتأخر وصول شحنات المحروقات من الوقود والديزل مشيرا إلى أن هذه العملية قد يكون طالها خلل ما وشبهات فساد حيث كان سقف المبادلة وفق البيانات السابقة يتراوح ما بين 4.5 و5 مليار دينار إلا أن الأرقام لسنة 2024 تحدثت عن ما بين 9 إلى 10 مليار دينار وهو في الواقع نفط خام تم استقطاعه من إجمالي الكمية الكلية المنتجة والمصدرة.

ولاحظ الخبير الاقتصادي الليبي أنه وفق تقارير مصرف ليبيا المركزي لا يوجد أي إنفاق خلال الأشهر الأولى لسنة 2025 على باب التشغيل أو باب التنمية ومع ذلك نرى الحكومتين تنفقان أموالا على باب التشغيل وباب التنمية متسائلا من أين تأتي هذه الموارد.

وقال في سياق متصل إن الإنفاق الحكومي ليس خطأ فالحكومة ملزمة أن تنفق على أبوابها الأربعة وملزمة أن تحافظ على القوة الشرائية للمواطن الليبي وملزمة أن توفر له الفرصة لتلبية احتياجاته واحتياجات أسرته الأساسية وملزمة أيضاً بإيجاد فرص العمل وإيجاد السياسات الاقتصادية التي تخلق نوعا من النشاط الاقتصادي الذي يحرك أدوات الاقتصاد ويعطي في نفس الوقت فرصة للقطاع الخاص لتقديم الخدمات والسلع للسوق المحلي غير أنه شدد على أن الحكومة يجب أن تراعي أولويات الإنفاق خصوصاً فيما يتعلق بالمشاريع والتشغيل والتنمية والتطوير وأن تكون مرتبطة إلى حد بعيد مع كمية الإيراد إذ لا يمكن لحكومة أن تنفق 200 في المائة من إيراداتها إلا في حالة الضرورة وبإذن مسبق من ممثل الشعب، مجلس النواب.

وفي رده على سؤال حول إمكانية ترشيد الاستيراد ووضع ضوابط له على خلفية الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، رأى الخبير الاقتصادي الليبي أن العملة الصعبة تتأتى من مورد محدود هو النفط وبالتالي فإن التوجيه في استخدام العملة الصعبة للصرف على الخدمات وعلى السلع يُعتبر من السياسات الاقتصادية الضرورية ومن هنا فإنه من غير المنطقي عدم وجود نوع من الضوابط للتحكم في كميات وأنواع السلع ومن غير المعقول أن نعجز عن توفير العملة الصعبة في مصرف ليبيا المركزي في حين يتم استيراد ألعاب نارية أو سلع ترفيهية وحتى سيارات فارهة، على سبيل المثال.

وقال إن الضوابط يجب أن تكون موجودة حتى يكون هناك توظيف أوفر للعملة الصعبة مؤكدا وجود سياسات عديدة في هذا السياق منها فرض ضريبة جمركية أو رسوم إضافية على السلع غير الضرورية لكبح جماح الاستيراد المفتوح.

 وأضاف أن كميات السلع المستوردة أيضاً فيها شكوك مقارنة بما يفتح من اعتمادات ولو يتم حصر السلع المستوردة، وهذا دور وزارة الاقتصاد، لوجدنا، بحسب قوله، أن الكميات أكثر بكثير من استهلاك الشعب الليبي وهنا لدينا خياران، إما أن لدينا الكثير من الأجانب يعيشون في ليبيا ولا يُعرف عددهم، وغير موثقين في السجلات الرسمية، أو أن البضائع تتسرب من المنافذ الحدودية وهو أمر وارد نظرا لضعف الدولة وضعف السياسات وهشاشة الأجهزة الأمنية.

وخلُص رئيس مجلس إدارة الأكاديمية الليبية للحوكمة، عبد الرحيم الشيباني في ختام المقابلة الصحفية إلى أن الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي وإيرادات المؤسسة الوطنية للنفط باعتبارهما الروافد الأساسية للاقتصاد الوطني تحتاج إلى دولة وحكومة شرعية منتخبة وسلطات وأجهزة أمنية تعمل فعلاً بعقيدة حماية البلاد ومواردها وليس بصورة شكلية استعراضية لحماية مناطق نفوذ مؤكدا أن هذه هي الوسائل التي تحفظ للبلاد أمنها الاقتصادي الذي يعتبر من أهم مقومات وجود الدولة.

(وال)