( وال – خاص ) : مواطنون يشتكون من ارتفاع أسعار الأسماك ما قد يحرم أصحاب الدخل المحدود من طبق الشربة المفضل في رمضان
نشر بتاريخ:
متابعة محمد الزرقاني
تصوير: أميرة التومي
طرابلس 12 مارس 2025 م (وال) - أعتاد الليبيون في المدن الساحلية وخاصة سكان العاصمة طرابلس على ان تزدان موائد إفطارهم الرمضانية بأطباق من الأسماك ، بما فيها ما يسميه أهالي طرابلس ( شربة الحوت ) ، وهو ما يجعل أسواق الأسماك رائجة في هذا الشهر ، ومكتظة بالمتسوقين الصائمين ، وهم يمنون أنفسهم بصفرة رمضانية متنوعة بالتشكيلات والأصناف السمكية المتعددة التي تزخر بها الشواطئ الليبية .
هذا الشغف المرتبط بأهواء ورغبات الصائمين المتجولين بأسواق الأسماك في طرابلس، والتي تلتقطها من افواه بعضهم وهم يرددون ميزات وفوائد تناول الأسماك ، تجعل العديد من الزوار يقبلون بشكل ملفت على الشراء ، ولا يحدهم في هذه الرغبة إلا ارتفاع أسعارها التي تعجز عنه جيوب معضمهم.
وكالة الانباء الليبية تابعت الحركة الرائجة في سوق الحوث بطرابلس وأسعار الأسماك ، واستمعت لما يقوله المستهلكون ، فقال " أحمد عبد الرحيم (55 عاما، موظف بأحد المصارف التجارية في طرابلس)، خلال تجواله بين مختلف المحلات في سوق بيع الأسماك بطرابلس، بعد مغادرته مقر عمله في حدود الساعة الثانية ظهرا، أن رأيه استقر على شراء سمك "الشكورفو" لإعداد طبق الشربة الرمضانية.
أبلغ عبد الرحيم مراسل (وال - الأنباء الليبية) أنه يتناول شربة الحوت في شهر رمضان بمعدل أربعة مرات على الأقل في الأسبوع وذلك ديدنه منذ سنوات طويلة، حتى وإن تناولت أسرته الشربة التقليدية الليبية بلحم الضأن ومختلف أنواع الشربة التي دخلت إلى المطبخ الليبي عبر الفضائيات وصفحات التواصل الاجتماعي، إلا انه أعرب عن استيائه من ارتفاع الأسعار بشكل كبير خلال شهر رمضان، حيث تساوت أسعار بعض الأنواع، وتجاوزت أنواع أخرى، سعر لحم الضأن، ما يحرم المستهلكين الذي كانوا يجدون في السمك خيارا لإعداد طبق الشربة الرمضاني.
يركز معظم محبي الأسماك في شهر رمضان على السمك الخاص بإعداد طبق الشربة منها، الشكورفو والبراكش والصبارص والتريليا والمرجان والتنوت، وهي أنواع تضاعف سعرها بشكل ملفت هذا العام، عما كانت عليه قبل أسبوع واحد من شهر الصيام.
وسجل مراسل لـ (وال) تجول اليوم الثلاثاء في سوق الحوت بطرابلس، أن سعر الشكورفو بلغ 20 دينارا للكيلوغرام بعد أن كان لا يتجاوز الـ 10 دنانير الشهر الماضي، فيما تراوح سعر التريليا بين 30 و70 دينارا، والمرجان بين 25 و30 دينارا، والشكورفو درجة ثانية وصل إلى 25 دينارا.
وسجلت أسعار الرخويات ارتفاعا بنسبة تراوحت بين 25 و30 في المائة عما كانت عليه الشهر الماضي حيث بلغ سعر الأخطبوط (القرنيط) 65 دينارا، والسيبيا 45 دينارا، والكلامار مابين 60 و80 دينارا، فيما وصل سعر الأسماك الأخرى منها الدوث إلى 65 دينارا والفروج 70 دينارا، والدندشي ما بين 70 و80 دينارا، وبلغ سعر الكيلو من كلب البحر، الذي يُستخدم في رمضان عادة لإعداد الكفتة، ما بين 25 و35 دينارا.
واشتكى عمر علي (35 عاما، موظف بمؤسسة حكومية على الدرجة الـ 8، أب لطفلين، قال إن مرتبه 1450 دينارا شهريا، كان يتجول في السوق)، من الارتفاع المبالغ فيه لأسعار الأسماك خلال شهر رمضان قائلاً: "إن سعر الأسماك مرتفع جدا خلال هذا الشهر شأنه شأن اللحوم الحمراء والبيضاء، وهو أمر بالغ الصعوبة على أصحاب الدخل المحدود، أي على معظم العاملين في القطاع العام الليبي.
وأضاف أنه يفضل تناول طبق الشربة بالسمك في شهر رمضان على الشربة بلحم الضأن الذي طار سعره منذ الأسبوع الأول من رمضان ليصل إلى ما بين 85 و90 دينارا للكيلوغرام الواحد، موضحا أنه لا يفضل تناول الشربة بلحم الدجاج بسبب ما يُشاع عن تزويد الدجاج في مزارع التسمين بالهرمونات، بحسب قوله، وبالتالي يفضل اللجوء إلى الأسماك، متمنيا أن يحافظ الشكورفو والبراكش، المفضلان لديه في إعداد طبق الشربة، على سعرهما الحالي المقدور عليه حتى الآن، ومبينا أن الكيلوغرام الواحد من هاذين النوعين يكفي لإعداد حوالي 3 وجبات من طبق الشربة لعائلة من 4 أو 5 أشخاص.
وقال مختار الزنبوزي (45 عاما، بائع أسماك) إن الأنواع المفضلة في رمضان هي الأسماك التي تصلح لإعداد طبق الشربة مؤكدا أن الأسعار سجلت بالفعل ارتفاعا ما بين 15 و35 في المائة عما كانت عليه قبل شهر رمضان.
ورأى حسام عبد العزيز(60 عاما، بائع أسماك) أن ارتفاع الأسعار يعود إلى عدة أسباب منها زيادة الطلب في شهر رمضان على أنواع محددة وتقلبات الطقس في شهر مارس، ومغادرة معظم العمال الأجانب، وأغلبهم من مصر وتونس، إلى بلدانهم لقضاء شهر رمضان بين أهلهم.
وأكد محمد حمودة، (45 عاما، بائع أسماك) التقاه مراسل (وال - الأنباء الليبية) أن أسعار بعض الأنواع مثل الأسماك التي تُستخدم في إعداد طبق الشربة، ارتفعت بنسبة 30 في المائة منها التنوت والشكورفو فيما سجلت أسعار التريليا ارتفاعا وصل إلى 60 في المائة حيث بلغ سعر الكيلو غرام الواحد اليوم الثلاثاء (درجة أولى) 70 دينارا، وهذا النوع يُستخدم عادة في الشواء، فيما كان سعرها قبل رمضان ما بين 30 و35 دينارا، وفي حالة عدم توفرها يُمكن أن يصل إلى 50 دينارا.
حافظ سوق الأسماك في طرابلس، أو سوق "باب بحر"، كما يسمى شعبيا، الذي يتربع على مساحة تقدر بثلاثة آلاف متر2، عند المدخل الرئيسي لميناء طرابلس البحري، قبالة الباب البحري (باب بحر) للمدينة القديمة، الذي جاء منه اسمه الشعبي، في شهر رمضان، على توقيت عمله السابق في سائر الأيام، حيث يفتح سوق الجملة أبوابه عند الساعة الخامسة فجرا إلى الساعة الثامنة صباحا، وسوق البيع للمستهلكين من الساعة الثامنة صباحا إلى حدود الساعة الرابعة والنصف عصرا.
ينتصب هذا السوق الجميل المقام على هيئة خيمة بيضاء كبيرة في جانبه الشمالي عند المدخل الرئيس مخصصة للبيع بالجملة، سواء إلى السوق القطاعي في نفس المجمع أو إلى الأسواق المحلية الأخرى بطرابلس وخارجها، وخيمتين كبيرتين متلاصقتين تتوسطهما إدارة السوق، مخصصتين للبيع للجمهور، وخيمة صغيرة ملحقة بهما مخصصة لخدمات تنظيف الأسماك مقابل 3 دينارات للكيلوغرام الواحد، لمن يرغب في ذلك.
تتوفر مدينة طرابلس على ثلاثة أسواق رئيسية أخرى لبيع الأسماك، سوق الحوت في الجانب الجنوبي من المدينة القديمة على مستوى شارع الرشيد وهو الأقدم، سوق القصرية في منطقة قرقارش (الضاحية الغربية للعاصمة)، وسوق النادي البحري في شط الهنشير(الضاحية الشرقية لطرابلس).
لم يُشكل السمك الطبق الشعبي للليبيين عموما كونهم يُفضلون اللحوم الحمراء باستثناء سكان المدينة القديمة (الحارة) الذين تعايشوا مع اليهود الليبيين عقودا طويلة، والمعروفين بتفننهم في إعداد أطباق السمك، إلا أن الإقبال على تناول الأسماك تزايد بمعدلات كبيرة جدا خلال العقدين الماضيين بعد انتشار برامج البث التلفزيوني الفضائي ومنصات التواصل الاجتماعي على شبكة الأنترنت، الخاصة بفنون الطبخ، وافتتاح عشرات المطاعم الخاصة بتقديم أطباق الأسماك المتنوعة في كل من طرابلس وبنغازي تحديدا، وفي بعض المدن الليبية الأخرى.
(وال)