Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

( خاص – وال) : مخاطر تتهدد التراث الإسلامي في المدينة القديمة بطرابلس على رأسها الجوامع والمساجد والزوايا .

نشر بتاريخ:

متابعة وحوار: نعيمة المصراتي

تصوير: أميرة التومي

طرابلس 03 مارس 2025 م (وال) - تتربع المدينة القديمة في طرابلس التي أسسها الفينيقيون في الألف الأول قبل الميلاد، بحسب المصادر التاريخية، على حوالي 48 هكتارا ، بإطلالة مباشرة على البحر المتوسط يحيط بها سور شاهق به ثمانية أبواب، وتضم منازل وساحات والعديد من المباني التاريخية الأثرية منها مساجد وكنائس ومعابد، وعشرات الأسواق مختلفة التخصصات التي تتزود من الحرفيين المحليين ومن التجار عبر البحر حتى اليوم، ومن تجار القوافل عبر الصحراء من الدول الأفريقية سابقا، إلى جانب العديد من المصانع الحرفية والمشغولات اليدوية التقليدية، ومقرات سابقة لقنصليات العديد من الدول مثل بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة.

تعرضت الكثير من المعالم والمباني التاريخية في المدينة القديمة بطرابلس إلى التشويه بسبب عوامل الزمن والإهمال، وعمليات الترميم البدائية غير الفنية بمواد لا تلائم طبيعة المباني التاريخية، وتلك غير المرخصة، وطالت الإزالة بعضها، ومن بينها الجوامع والمساجد والزوايا والكتاتيب.

وينتصب في المدينة القديمة بطرابلس، بحسب ملفات جهاز إدارة المدينة القديمة، 12 جامعا، 20 مسجدا، وكلية واحدة، وخمس زوايا، ومدرستان وكتابان، هي جامع محمود - جامع سيدي سالم المشاط - جامع قرجي - جامع سيدي الهدار - جامع بن مقيل بن موسى - جامع سيدي درغوث - جامع شائب العين - جامع الدروج - جامع الخروبة - جامع الناقة - جامع ومدرسة أحمد باشا القرمانلي - جامع السنوسية - مسجد بن صابر - مسجد سيدي عبد الوهاب القيسي - مسجد ومدرسة عثمان باشا الساقزلي - مسجد بن سليمان، مسجد الشهداء - مسجد الكراري القروشي - مسجد بن اللطيف - مسجد بن عزي - مسجد العسوسي - مسجد النخلي - مسجد الدباغ - مسجد ابن الطبيب - مسجد الصقلاني - مسجد الريفي - مسجد بن صوان - مسجد بن نور - مسجد سيدي الحطاب - مسجد وكتاب حورية - مسجد شان الشأن - مسجد قنابة (المفتي) - مسجد بن طابون - مسجد وزاوية سيدي عطية (الفلاح) - مدرسة مصطفى الكاتب، كتاب عبودة، الزاوية القادرية، الزاوية الكبيرة، الزاوية الصغيرة، زاوية المكني، زاوية الشيخ يعقوب، كلية أحمد باشا الحديثة.

وقالت الباحثة التاريخية في جهاز المدينة القديمة، مفيدة ميلاد عفان، في لقاء مع وكالة الأنباء الليبية إن الجهاز أحصى 41 مؤسسة إسلامية في حدود المدينة القديمة موزعة بين جوامع ومساجد وزوايا وكتاب ومدارس خرجت آلاف الطلبة على مر السنين مشيرة إلى أن جامع الناقة قد يكون أقدم الجوامع في ليبيا لكن لا تُوجد أية مصادر مكتوبة تدعم هذه الرواية عدا ما يتناقله الناس في الأدب المحكي والخرافة الشعبية، غير أنها أكدت أن الكثير من المعالم الإسلامية بصورتها الحالية في المدينة القديمة بُنيت من جديد بعد أن دُمرت خلال الحملة العسكرية الإسبانية على طرابلس عام 1510.

وتوثق المصادر التاريخية أن بيدرو نافارو قاد الغزو الإسباني لطرابلس من خلال حملة بحرية في صباح يوم الخميس، 25 يوليو 1510، حيث وصل أسطول حربي إسباني أمام شواطئ طرابلس وأنزل حوالي 6000 من مشاة البحرية من السفن الإسبانية، نصفهم كانوا يعملون على حصار المدينة، في حين بقي الآخرون في حالة استنفار لمنع أي هجوم عثماني مع الاستخدام الواسع للمدفعية البحرية، إلى أن استولى الإسبان على المدينة.

ودمرت القوات الإسبانية، بعد الاستيلاء على طرابلس، العديد من مبانيها، خاصة المباني ذات الطابع الإسلامي، وقتلت الكثير من السكان. وفي 1524، منحت إسبانيا طرابلس إلى فرسان القديس يوحنا الذين هُزموا وخسروا المدينة عام 1551 أمام القائد العثماني سنان باشا.

وأشارت عفان كذلك إلى أن الكثير من المساجد والجوامع في المدينة القديمة اندثرت بعد أن طالها الدمار خلال فترة الاحتلال الإسباني وفرسان القديس يوحنا مبينة أن جامع الناقة على سبيل المثال بُني على أنقاض جامع الصحابة العشرة الذين أسسوه مع بداية الفتح الإسلامي لطرابلس، وبالتالي يُمكن دعم الروايات الشعبية التي تقول بأنه أقدم جامع في ليبيا، وجامع أحمد باشا بُني على أنقاض جامع عمرو بن العاص فاتح طرابلس.

 وتحدثت في نفس السياق عن التخريب الذي طال العديد من الجوامع والمساجد والزوايا بعد تدمير القبور والأضرحة وتحطيم المنابر القديمة المزركشة وإزالة النقوش والفسيفساء وتدمير الزخارف والنقوش الجصية والبلاط القيشاني خلال الفوضى الأمنية التي شهدتها طرابلس خاصة عامي 2013 و2014.

وأكدت في سياق متصل تعطل عمليات الصيانة منذ عدة سنوات متسائلة أين تذهب أموال الوقف الخاصة بالمساجد والجوامع والزوايا وكشفت على سبيل المثال في هذا الصدد أن المدرسة القرآنية في جامع أحمد باشا التي خرجت الآلاف من الطلبة بدأت تتآكل وتتساقط دون أن تلتفت إليها الجهات المختصة.

وقالت الباحثة التاريخية إن المعالم والمباني التاريخية والأثرية في المدينة القديمة سُجلت فقط في منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) ولم تحض بالتسجيل في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بسبب المواصفات والمعايير التي تفرضها هذه الأخيرة.

وأوضحت أن عمليات الصيانة والترميم البدائية غيرت معالم هذه المباني منها مد خطوط الكهرباء وتركيب المكيفات والطلاء مؤكدة أن مادة الإسمنت محضورة في ترميم المباني التاريخية والأثرية لكن للأسف الشديد لم تتقيد الجهات التي أشرفت على مشروع الصيانة بالمواصفات المحددة عالميا وشوهت الطراز القديم للمباني، فرفضت (اليونسكو) تسجيلها في قائمة التراث العالمي.

وقالت إن المساجد والمدارس التي سجلت في قائمة التراث الإسلامي لدى (الإيسيسكو) حتى الآن هي، جامع الناقة، جامع درغوت، جامع قرجي، جامع شايب العين، جامع أحمد باشا ومدرسة عثمان باشا الساقزلي.

تتهدد المدينة القديمة في طرابلس وبخاصة آثارها الإسلامية المتمثلة في المساجد والجوامع والزوايا والمدارس الإسلامية العديد من المخاطر على خلفية استهداف التراث الإسلامي في الكثير من دول العالم، ويتعين، برأي الخبراء، أن تلعب الأوقاف في بلادنا دورا كبيرا في حفظ التراث الإسلامي ومنع العبث به وتطوير مهارات القائمين على صيانته وإبعاده عن كافة أشكال التطرف.

 (وال )