Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

(وال – تحقيق ) : تفاقم ظاهرة الطلاق في ليبيا ( حالات – أسباب ) .

نشر بتاريخ:

تحقيق وحوار: أميرة التومي

طرابلس 29 يناير 2025 م (وال)- بات الطلاق من بين أكثر المشاكل الاجتماعية انتشاراً في ليبيا، خاصة بعد تزايد حالاته بشكل كبير جعل منه ظاهرة مقلقة في السنوات الأخيرة، وأبرز أسبابه تعود في بلادنا، بحسب خبراء علم الاجتماع والقانون، إلى مصاعب الحياة بشكل عام، والضغوطات الاقتصادية والنفسية وعجز أرباب الأسر عن مواجهة لهيب الأسعار المتواصل لتلبية احتياجات أسرهم، والفوارق الاجتماعية، وانعدام التواصل بين الزوجين، فيما أكد متخصصون أن منح الزواج الحكومية الغير مدروسة ترتب عنها زيجات متسرعة زادت من تصاعد حالات الطلاق.

وتأكيدا على احتداد مشاكل الطلاق الذي أضحى ظاهرة متفاقمة في المجتمع الليبي، قالت ابتسام الكانوني، القاضية بمحكمة تاجوراء، وهي مدينة صغيرة في الضاحية الشرقية للعاصمة طرابلس، إن عدد القضايا الشرعية المتعلقة بالطلاق ازدادت في السنوات الأخيرة حيث سُجلت ( 898) قضية طلاق في دائرة محكمة تاجوراء بأحكام قضائية خلال الفترة من 1 يناير 2024 إلى 29 ديسمبر 2024 وإن عدد الأوامر الولائية، وتعني جواز القاصرات، بلغت ( 2203 ) أوامر ولائية في ذات الفترة.

ورأت " الكانوني " في توضيح لوكالة الأنباء الليبية أن التزايد المستمر في دعاوى الطلاق بات يُهدد كيان الأسر الليبية بالتفكك ما يؤثر سلبا على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا.

وزود أمين مكتب إصدار السجل المدني تاجوراء، المقدم مهند مروان، وكالة الأنباء الليبية بإحصائية شاملة ، بينت أن عدد حالات الزواج في بلدية تاجوراء وحدها بلغ ( 1460 ) حالة وبلغ عدد حالات الطلاق ( 327 ) حالة خلال عام 2024.

وشرحت المحامية، كريمة التارقي، أن الطلاق عدة أنواع منها، الطلاق بالضرر، والطلاق بإرادة منفردة، والطلاق بالتراضي، ويحدث عندما يستحيل استمرار العشرة الزوجية، ويُعتبر حلاً للحالات التي تستنفد فيها كافة محاولات الإصلاح.

واشتكت فاطمة عمار، (أم لطفلين 30 عاما، مطلقة)، عند حديثها لـ (وال)، عن تجربتها المؤلمة مع الطلاق بالضرر، من العنف الأسري المفرط منذ زواجها، وقالت: " لم أكمل تعليمي، تزوجت في سن صغيرة وأنجبت طفلين وكان زوجي بخيلا ويعاملني بعنف شديد، أنا وطفليَ".

وأضافت بمرارة وحزن عميق أنها عاشت وضعا مأساويا اضطرها لإبلاغ أهلها وأهله، لكن دون جدوى مشيرة إلى أنها تحملت كثيرا من أجل أبنائها، إلى أن وصلت إلى مرحلة الانهيار وعدم التحمل أكثر.

وقالت: "واجهت تحديات كبيرة وطلبت الانفصال عنه فتصدت لي عائلتي بالرفض واعتبروه وصمة عار تؤثر في سمعة العائلة، وعندما واجهت زوجي بالانفصال قام بتهديدي بأخذ أبنائي مني، فلجأت إلى منظمات محلية للحصول على المساعدة، وتم إرشادي بضرورة توثيق حالة الضرر التي تعرضت لها عن طريق تقرير طبي".

وتابعت فاطمة أنها سعت للحصول على تقرير طبي يثبت حالة التعدي عليها بالضرب عندما تم إسعافها في إحدى المرات إلى المستشفى بعد أن تعرضت لكسر في يدها، مشيرة إلى أنها كانت، في ذلك اليوم، تريد أن تثبت الواقعة إلا أن زوجها الذي اصطحبها إلى المستشفى، لم يفارقها وظل بجانبها فلم تستطع التحدث مع الطبيب.

وتعكس حالة فاطمة صورة للكثير من عمليات العنف التي تواجهها النساء في المجتمع الليبي المحافظ الذي يُقيد المرأة المتضررة والمكبلة بالتقاليد والعرف الاجتماعي، خاصة عندما تسعى للحصول على الطلاق بالضرر، الأمر الذي يجعل مثل هؤلاء النساء في حاجة ماسة إلى الدعم والمساعدة القانونية لتجاوز الصعوبات التي تواجههن، وضمان حقوقهن وحماية أنفسهن وأطفالهن.

ويرى المختصون في الشؤون الاجتماعية أن التوعية القانونية والمساعدة من المنظمات المحلية يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في حياة هؤلاء النساء وتساعدهن في اتخاذ قرارات صائبة من أجل مستقبل أفضل لهن ولأطفالهن.

وصرح المحامي صالح الشايبي أن أسباب الطلاق متعددة منها أسباب تحكمها الأوضاع الاقتصادية وضغوط الحياة وتأثير المحيط الأسري إلى جانب بعض الحالات التي تنتج عن أسباب تافهة مرتبطة بنية مسبقة لدى الزوجين أو أحدهما للانفصال.

وأكد الشايبي أن الطلاق ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو أزمة اجتماعية تؤثر على الأسرة والمجتمع.

 وقال زياد أحمد (35 عاما): في تصريح لـ (وال): " تزوجت من فتاة تبلغ من العمر 20 عاماً من مدينة تبعد عن طرابلس 60 كيلومترا ومن أول ليلة بدأت المشاكل عندما أبلغتني أنها لم تكن مستعدة للزواج ... وعندما تحاورت معها فهمت أن لديها فوبيا من الزواج. حاولت التعامل مع الحالة ومساعدتها على تجاوزها لمدة شهرين ولكن دون تغيير. تحدثت مع أهلها وطلبوا مني الصبر والتحمل قليلا ولكن الوضع تفاقم فقررنا الانفصال بالتراضي".

 وروت ملاك جلال (45 عاماً – جامعية وأم لثلاثة أبناء) أنها تزوجت في عمر 19 عاما وسكنت مع زوجها في غرفة في منزل عائلة زوجها المكون من ثلاث غرف، يشغل والداه إحدى الغرف والثالثة تعيش فيها أخواته الثلاث اللائي يكبرنها سنا.

وأضافت في حديث مع (وال) أن الحياة في بيت العائلة كانت صعبة جداً خاصة وأنها أنجبت ثلاث أطفال ورفض زوجها أن يُؤمن لها بيتا مستقلا أو يبني ملحقا فوق بيت والديه بعد أن تحسن وضعه المالي متحججا بأنه لا يُوجد من يرعى عائلته باعتباره وحيد أبويه، وهي حجة، تقول هذه السيدة، كانت واهية ولا أساس لها إذ سافر للعمل خارج البلاد طيلة أربع سنوات ولم يصطحبها معه أو يكترث لأمر والديه.

وقالت إنها اتخذت قرار الانفصال بعد 16 عاما من الزواج وارتباط زوجها بسيدة من جنسية أجنبية تزوجها سرا ووفر لها بيتا مستقلا ولم يهتم بمعاناتها أو معاناة أبنائها الذين عاشوا في غرفة واحدة.

وروت أنها لجأت إلى المحكمة لطلب الطلاق، غير أن الجلسات كانت متباعدة نظرا للتأجيل وباءت محاولات الصلح بالفشل بسبب تعنت زوجها، وبعد سنة ونصف حكمت المحكمة بالطلاق والتنازل عن حضانة أبنائها.

وتؤكد الاحصائيات الرسمية لدى المحاكم ومكاتب السجل المدني أن نسبة الطلاق في ليبيا ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الـ 10 الماضية وتعود أسبابه تحديدا إلى الظروف الاقتصادية الصعبة في حين يذهب الكثير من رجال القانون والباحثين إلى أن الطلاق، وإن كان ظاهرة في ليبيا وغيرها من الدول، إلا أنه تزايد بشكل ملحوظ بعد انتشار زواج القصر وتوجه الحكومة إلى صرف منح للزواج دون دراسات اجتماعية معمقة حيث توجه الكثير من الشباب إلى الزواج للاستفادة من المنحة المقررة التي تتبخر في شراء سيارة أو تغطية تكاليف رحلة إلى الخارج في حين أنه كانت ستكون مفيدة جدا، بحسب الخبراء، لو سُخرت لبناء مشاريع إسكانية للشباب تساعد على الاستقرار وبناء أسرة في أجواء آمنة.

 (وال)