Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

حملات التشجير من الحلول الواعدة لمواجهة تحديات التغيرات المناخية والحد من التصحر وزحف الرمال في ليبيا .

نشر بتاريخ:

حوار: محمد الزرقاني

طرابلس 21 يناير 2025 م (وال ) - تُعد حملات التشجير، أو ما يُسمى بـ "الحلول المناخية الطبيعية"، إحدى الطُرق الواعدة للتخفيف من حدة التغير المناخي ومنع التصحر والمحافظة على التربة وإعادة إحيائها وتحسين إدارتها، وزيادة تخزين الكربون وتجنب انبعاثات الغازات الدفيئة في المحميات الطبيعية.

وتقول دراسات للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن تغير المناخ يُؤدي إلى صعوبة توفر المياه، ويجعلها أكثر نُدرةً في الكثير من المناطق ومنها منطقة شمال أفريقيا فيما يؤدي ما بات يُعرف بـ "الاحترار العالمي" إلى تفاقم نقص المياه في المناطق التي تعاني أصلا من شح الأمطار، ويزيد من مخاطر الجفاف الذي يتهدد قطاع الزراعة وملايين العاملين فيه، ويعود بالسلب على المحاصيل، ويفاقم الجفاف البيئي ويُضعف النُظُم البيئية.

وجاء في دراسة نُشرت على موقع مجلة (ناتور: الطبيعة) الفرنسية أن إزالة الغابات على نطاق واسع يهدد بانخفاض معدلات تساقط الأمطار في العالم.

وسجلت الدراسة التي نُشرت بعنوان "إزالة الغابات الاستوائية تتسبب في انخفاضات كبيرة في هطول الأمطار"، تراجع هطول الأمطار في أجزاء كبيرة من المناطق الاستوائية عبر القارات، وارتفاع درجات الحرارة حيث أصبح المناخ أكثر سخونة وجفافًا بمجرد إزالة الأشجار.

وقام فريق بحثي في جامعة (ليدز) البريطانية بدمج بيانات الأقمار الصناعية لإزالة الغابات وهطول الأمطار لإظهار أن فقدان الغطاء الشجري في المناطق الاستوائية على مدى السنوات الـ 14 الماضية كان مرتبطًا بانخفاض هطول الأمطار وقدر الفريق أنه بحلول نهاية القرن، إذا استمر معدل إزالة الغابات في الكونغو الديمقراطية على سبيل المثال، فإن هطول الأمطار في المنطقة يمكن أن ينخفض بنسبة تتراوح بين 8 و 12 في المائة، مع تأثيرات كبيرة على التنوع البيولوجي والزراعة، ويمكن أن يهدد قابلية البقاء لغابات الكونغو التي تعد من بين أكبر مخازن الكربون في العالم.

 وقال عضو المنظمة الليبية للبيئة والمناخ، مدير إدارة الشؤون الإدارية بالمنظمة، عبد القادر اللافي، إن المنظمة، إدراكا منها بخطورة التعدي الجائر على الغابات في ليبيا خلال الـ 15 عاما الماضية، اعتمدت في خطتها الاستراتيجية تشجير العديد من المواقع لتصل في بعض المواسم إلى أكثر من 32 موقعا بعدد أشجار يصل في بعض المواسم إلى 30 ألف شجرة منها (الخروب المهدد بالانقراض والبلوط والسرول الأحمر واللوز الهندي والصنوبر المثمر والسدر العمودي وورق الغار والبالونيا والأخشاب والتين الشوكي الأملس وبلح الصحراء والكاشة فكتوريا وأنواع أخرى من الأشجار).

وأضاف اللافي في تصريح ل(وال - الأنباء الليبية) أن المنظمة استهدفت خلال عام (2024) 16 موقعا كانت ضمنم المشاركة في مبادرة غرس الـ 100 مليون شجرة التي أطلقتها لجنة التنمية المستدامة بوزارة التخطيط وشاركت المنظمة في جميع اجتماعاتها ورسم خطتها ووضع آليات وبرامج تنفيذها.

وأوضح اللافي أن المنظمة قامت رفقة لجنة التنمية المستدامة في الموسم الماضي بالتعاون مع الإدارة العامة للإصحاح البيئي والعديد من الجهات ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني بحملة تشجير استهدفت 16 موقعا بأكثر من 20 ألف شجرة بحصيلة نهائية في جميع حملات التشجير وصلت إلى ما يقارب 200 ألف شجرة منها 70% من الأشجار الناجحة من غير الفاقد في أكثر من 250 موقعا على كامل التراب الليبي شملت الغابات المطرية والمحميات الوطنية وكذلك المنتزهات والأماكن العامة والمدارس وغيرها من الجهات العامة والخاصة.

وأضاف أن هذه الحملات تساهم في حماية البيئة في ثلاثة جوانب، هي الهواء والماء والأرض، حيث تعمل حملات التشجير على تحسين جودة الهواء وامتصاص الملوثات من الكربون وغاز الميثان، وهي غازات تسبب زيادة حرارة كوكب الأرض، واستجلاب السحب لهطول الأمطار وزيادة الغطاء النباتي، وثالثا تثبيت التربة ومكافحة التصحر ووقف زحف الرمال وتدهور الأراضي الصالحة للزراعة.

وتابع اللافي أن قطع الأشجار يعتبر سبباً في التغيير المناخي من ناحية انبعاث الغازات الدفيئة وهي متكونة من ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان مؤكدا أن التشجير يمثل الحل الطبيعي والأنسب كون الأشجار تسحب كميات كبيرة من الغازات الدفيئة وتنتج بدلا منها الأكسجين.

وأوضح أن بداية حملات التشجير كانت في موسم 2012 -2013 عندما شب حريق في محمية "الشعافيين" في مدينة مسلاتة، وقامت مجموعة متطوعة من الأهالي وبعض الأيادي الخيرة بإخماد الحريق ومن هناك تكون فريق وبدأ تعويض الفاقد في تلك المحمية تحت شعار "الحملة الليبية للتشجير" مبينا أن هذا الفريق بدأ في تنظيم نفسه وتم تسجيل تلك المبادرة رسمياً باسم "المنظمة الليبية للبيئة والمناخ" وفي عام 2020 قامت بإعداد خطة لـ 12 موسما لحملات التشجير.

 وأفصح اللافي عن أن حملات التشجير والخطة السنوية للمنظمة تبدأ بعقد اجتماع موسع مع شركائها والجهات ذات العلاقة، الحكومية وغير الحكومية، التي أبرمت المنظمة اتفاقيات تعاون مشترك معها، منها لجنة التنمية المستدامة والإدارة العامة للإصحاح البيئي وكذلك المركز الليبي لأبحاث التغيير المناخي والعديد من البلديات التي تقع في نطاقها تلك المواقع المستهدفة بالتشجير إلى جانب التعاون مع العديد من منظمات المجتمع المدني والخبراء والممارسين والمختصين في مجال البيئة والمناخ.

وأفاد مدير الإدارة الفنية والمالية بالمنظمة، محمد نشوان، من جهته، أن التغير المناخي ظاهرة عالمية وليست مقتصرة فقط على ليبيا حيث يشهد العالم تغيرا مناخيا، وليبيا جزء من العالم، وأكبر الآثار وأكثرها دمارا حتى الآن، هو إعصار مدينة درنة (دانيال) الذي سبب مأساة إنسانية وكارثة بيئية في المنطقة بهطول كمية تزيد عن 400 مليمتر في بضع ساعات أي ما يوازي التساقطات المطرية في موسم كامل.

 وأضاف نشوان في تصريح ل(وال - الأنباء الليبية) أنه من ضمن التغير المناخي والتحديات التي تواجهها ليبيا، موجات الجفاف الطويلة وتناقص معدلات التساقطات المطرية وموجات الحر غير المسبوقة والعواصف الرملية وموجات البرد من الحبات الكبيرة التي تسبب أضرارا للمحاصيل الزراعية والممتلكات.

وتابع أن أغلب الظواهر المناخية التي حدثت في ليبيا في الفترة الأخيرة أثرت على الشمال الأفريقي بالكامل مشيرا إلى أن للمنظمة خططها القائمة على حملات التشجير التي تعتبر جزءا من الحل إلا أن الحلول الأخرى الكبرى، تبقى بحسب قوله، من اختصاص أجهزة الدولة لتخفيف الانبعاثات الدفيئة وفق الاتفاقيات العالمية المبرمة بهذا الخصوص.

وشدد على ضرورة تكثيف الحملات التوعوية على مختلف الجهات على غرار برامج التوعية بوزارة التعليم ووزارة البيئة والزراعة والحكم المحلي والإدارة العامة لشؤون الإصحاح البيئي سواء من خلال ورش عمل أو بالمشاركة الفعالة في الأيام العالمية مثل اليوم العالمي للبيئة واليوم العالمي للتصحر والتنوع البيولوجي التي تستهدف التعريف بأهمية البيئة والمحافظة عليها مطالباً بتعديل التشريعات الليبية ومنح الصلاحيات الكافية لعناصر جهازي الشرطة الزراعية والبيئية للقيام بدورهم الحيوي في حماية هذه المواقع.

وركز في هذا الصدد على أهمية دور البلديات والمجالس المحلية في المساهمة في الحفاظ على البيئة باعتبار أن الغابات تقع في نطاقها، من خلال دعم السكان المجاورين لهذه الغابات أو المحميات وإعطائهم الأولوية في فرص العمل فيها وجلب الاستثمارات لإقامة مشاريع سياحية في هذه المحميات.

وأشار إلى أنه تم تطبيق هذه التجربة في غابة المرقب حيث جرى توعية السكان المجاورين وتحسيسهم بإمكانية الاستفادة من المحمية، بيئيا واقتصاديا واجتماعيا، من خلال الاستفادة من إنتاج محاصيل هذه الأشجار ومن السياحة البيئية وإقامة الأنشطة التجارية وتسويق الصناعات التقليدية وتحريك عجلة التجارة المحلية، وهي مشاريع تُسهم في الحد من التعدي الجائر على هذه المواقع وتوفر فرص عمل للشباب.

 وكشف نشوان أن للمنظمة مبادرة في إقامة مهبط للطيران العمودي بالشراكة مع هيئة السلامة الوطنية لمتابعة الغابات والمحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية وحمايتها من التعدي الجائر والرعي الجائر والسيطرة على الحرائق حال حدوثها.

يذكر أن المنظمة الليبية للبيئة والمناخ تتوفر على عدة فروع منتشرة على كامل التراب الوطني وتسعى من خلال خطتها الاستراتيجية ومشاريعها وأنشطتها للحفاظ على البيئة ومجابهة التغيير المناخي ومكافحة التصحر ووقف زحف الرمال والحد من تدهور الأراضي الزراعية والمساهمة في زيادة الغطاء النباتي والشجري وتعويض الفاقد من الأشجار في الأماكن العامة والخاصة. (وال)