Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

الإدمان على الوجبات السريعة يزيد من مخاطر الإصابة بكثير من الأمراض ويضر بصحة الأطفال .

نشر بتاريخ:

متابعة وتصوير: فريق ( وال - الأنباء الليبية )

  طرابلس 11 يناير 2025 م ( وال ) – تضر الوجبات السريعة بالصحة العامة بشكل لا حدود له، بسبب العناصر التي تدخل في إعدادها وتشمل اللحوم المجمدة الحمراء والبيضاء المستوردة والمحفوظة بطرق أغلبها غير صحية وتزيد مخاطرها في بلدان تنعدم فيها الرقابة وينخر الفساد جميع مؤسساتها، علاوة عن مكوناتها من الزيوت المهدرجة والسكريات والألوان الاصطناعية والمواد الكيمياوية التي تضفي عليها مذاقا يأسر المستهلك الى درجة الإدمان.

وتقول دراسات مؤكدة أن الوجبات الجاهزة والسريعة التي نتناولها تُصنف من الأسباب الرئيسية للسمنة وزيادة مخاطر تصلب الشرايين وأمراض القلب وتزيد بشكل ملحوظ من الإصابات بأمراض السكري خاصة بين الأطفال في سن المدرسة واتساع دائرة مشاكل الجهاز الهضمي والاصابة بحالات من الاكتئاب بين الفتيات والفتيان بسبب زيادة الوزن.

لُوحظ في بلادنا، خلال الـ 10 سنوات الأخيرة، انتشار غير مسبوق للمطاعم ومحلات الوجبات السريعة التي تقدم مثل هذه الأطعمة ومعظمها يستخدم خدمة التوصيل ما شجع العائلات الليبية على الإقبال على استهلاكها رغم عدم معرفة بيئة وكيفية إعدادها ومن يُعدها وضوابط النظافة العامة والمواد المكونة لها.

وقالت أخصائية التغذية العلاجية بمستشفى السكري والغدد الصماء ابن النفيس بطرابلس، إيمان خشيبه إن أعداد مرضى السكري ارتفعت خلال السنوات الماضية بشكل ملحوظ خاصة بين الأطفال.

وأضافت أنه من خلال رصد عينات من الأطفال الذين ترددوا على المستشفيات وخلال جولات تفقدية داخل المدارس تم اكتشاف أعداد مقلقة من الأطفال المصابين بداء السكري لم يكن أهلهم على علم بإصاباتهم خاصة الفئة العمرية من 6 إلى 14 عاماً.

 وأرجعت خشيبة هذا الوضع الذي يبعث عن القلق إلى النظام الغذائي السيء الذي يتبعه الأطفال خاصة تناول الوجبات الجاهزة في المقاصف المدرسية والشكولاتة ورقائق البطاطس الجاهزة أو ما يُعرف بـ "الشيبس" والمأكولات المجهزة من المعلبات.

وأوضحت أخصائية السكري ورئيس قسم الإعلام والتثقيف بالمستشفى، سناء المبروك، من جهتها، في تصريح لـ (وال - الأنباء الليبية)، أن أكل النشويات والأكل السريع كانا من بين الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض السكري للفئة العمرية المتوسطة التي تتراوح بين العشرين والأربعين عاماً في الفترة الأخيرة.

وأضافت أن الدراسات تؤكد أن الأطفال الذين عاشوا على حليب الأطفال الصناعي المعلب كانوا أكثر عرضة للإصابة بداء السكري من الأطفال الذين عاشوا على الرضاعة الطبيعية وتناولوا حليب الأم.

من جهته أكد مدير مركز الرقابة على الأغذية، عبد المجيد أبو لميدة، أن حالات التسمم الغذائي تحدث في غالب الأحيان نتيجة عدم التزام محلات الوجبات السريعة بالإجراءات الصحية واستخدام المواد الإضافية في الأكل الجاهز مثل الصلصات الكريمية المصنعة (المايونيز والكاتشاب وغيرها) وهي مستحضرات غذائية سريعة الفساد وقد تؤدي في حالات نادرة الى الوفاة.

وتابع أبو لميدة أن دور الرقابة بالتعاون مع الجهات الضبطية والحرس البلدي والنيابة العامة يكمن في إجراء حملات تفتيشية بصفة دورية كاملة في كافة أرجاء البلاد، وفحص ومطابقة الشهادات الصحية للعمالة داخل المطاعم والمقاهي ومدى التزامهم بشروط مزاولة النشاط.

وأضاف أن المركز ينقسم إلى إدارتين إدارة الرقابة المسؤولة على السلع الموردة سواء كانت مادة خام أو مصنعة تدخل في التصنيع وتكون مطابقة للمواصفات والاشتراطات الفنية، والإدارة الأخرى، هي مكتب الرقابة الداخلية وتتكون من مجموعة مكاتب مسؤولة عن متابعة السلع الغذائية بعد الإفراج عنها ومطابقتها حسب المواصفات القياسية الليبية.

وأرجع رئيس مجلس إدارة مؤسسة الرقيب الليبية لحماية المستهلك، وائل الصغير، من جهته، مخاطر الوجبات السريعة على صحة المواطنين إلى عدم توفر مختبرات معتمدة دولياً طبقاً لمواصفات الايزو 17025 مؤكدا أن الإشكالية الكبيرة تتمثل في عدم وجود مختبرات مرجعية في البلاد إلى جانب الضعف الكبير في وجود تحاليل مختصة للكشف عن الأغذية والأدوية وتحاليل ما بعد التصنيع للقيام بالتحاليل المباشرة.

 واستطرد قائلاً إن بعض المواد التي نجدها في الأسواق مكتوب عليها المكونات إلا أنها تحتاج إلى التحاليل للكشف عن المواد المحظورة وفق المواصفات الليبية الصادرة في الإضافات سنة 2015 والتي تم تحديثها في 2020، مثل الملون (E120 -E151) وغيره من المواد الكيماوية.

وأكد الصغير أن بعض المنتجات تدخل في مكوناتها دهون محرمة كدهون الخنزير ودهون غير صحية وبها العديد من المضار يتناولها الأطفال خاصة العلكة والشوكولاتة والحلوى وأنواع كثيرة من العصائر والمشروبات المحلية والمستوردة مؤكدا وجود إشكالية كبيرة في عملية متابعتها لأسباب عدة مرتبطة بالرقابة والمختبرات والموارد البشرية المختصة.

وكشف في هذا الصدد عن وجود عمليات تزوير في الصلاحية وسوء التخزين مبينا أن الصلاحية التي يضعها المصنع تعتمد على درجات حرارة معينة ومواصفات للتخزين السليم وعمليات نقل في وسائل خاصة منها شاحنات التبريد وغيرها من الإجراءات الضرورية للحفاظ على المنتوجات الغذائية من التلوث إلا أن هذه التدابير غير متبعة بدقة في السوق الليبي.

وأضاف أن جهاز الحرس البلدي والرقابة على الأغذية والجهات الضبطية الأخرى، تقع عليها مسؤولية المتابعة وضبط المخالفين مشيرا إلى أن مؤسسته (الرقيب الليبية لحماية المستهلك)، منظمة مجتمع مدني لا تملك الصفة الضبطية لكنها تقوم بكشف المخالفات وتحذير المستهلكين الليبيين من المخاطر التي تتهدهم.

وفي رده على سؤال الفريق الصحفي حول سلامة الإجراءات المتبعة لحفظ اللحوم والأسماك والأصناف الغذائية التي يسوقها، نفى محمد فتحي (تاجر وصاحب ثلاجة لحوم مجمدة في المجمع التبريدي بمنطقة الجديدة – الضاحية الشرقية لطرابلس) أن تتعرض المنتوجات التي يسوقها إلى التلوث البكتيري أو التسبب في التسمم الغذائي ملقيا بالمسؤولية في هذا الشأن عن الإضافات المصنعة والكيماوية التي يستخدمها الطهاة في المطاعم.

 وأضاف أن السلعة التي يعرضها محفوظة في درجة التجميد المقررة للمنتوج من قبل الرقابة على الأغذية بما يتماشى مع كل صنف وبالتالي فإن حالات التلوث التي تؤدي إلى التسمم تقع بعد خروج السلعة من التجميد.

ورأى التاجر وجدي خليفة من جهته أن أكثر الأمراض الناجمة عن المواد الغذائية خاصة اللحوم بأنواعها ومنها لحوم الدواجن المستهلكة بكميات كبيرة في بلادنا تأتي من الهرمونات المصنعة من مواد كيميائية التي يتم حقن الدجاج بها في حضائر التسمين لتسريع نموها وزيادة وزنها، وكذلك الدجاج المنتج البيض.

وقال إن معظم المطاعم ومحلات الوجبات السريعة تستخدم الدجاج المجمد المشبع بالهرمونات الكيماوية التي تتسبب في الأمراض المنتشرة بين الأطفال والكبار على حد سواء منها أمراض السكري والسمنة وتصلب الشرايين.

وأوضح وجدي أن الهرمونات المستخدمة في حقن الدجاج تسبب كذلك في تلوث المياه والتربة وتؤثر على النباتات والحيوانات الأخرى مؤكدا أن التجار الذين يستوردون هذه الهرمونات معروفون وأن كافة مربي الدواجن وأصحاب المزارع يعرفون أيضا ما يسببه حقن الدجاج بالهرمونات.

ودعا وجدى السلطات المعنية إلى مراقبة السوق الليبي ومنع استيراد مثل هذه المواد الضارة بالصحة العامة وبيعها في السوق الليبي للتقليل من المخاطر التي تعصف بالمستهلك الليبي.

وقال الناطق الرسمي باسم مصلحة الجمارك الليبية، فهمي الماقوري، في تصريح لـ (وال - الأنباء الليبية)، أن المواد المحظورة والممنوعة تأتي عن طريق وزارة الاقتصاد والجهات ذات العلاقة باعتبار أن مصلحة الجمارك جهة تنفيذية لكافة القرارات والتشريعات الصادرة من الجهات المختصة مؤكدا أن مؤسسته تمنع دخول كافة المواد المحظورة من سلع وبضائع وغيرها في كافة الموانئ الليبية وفق جداول محددة.

غير أن المزارع نور الدين الشارف من منطقة السواني (جنوب غرب طرابلس)، أبلغ مراسلة صحيفة الأنباء الليبية أنه قرر وقف زارعة المنتوجات الزراعية الورقية مثل الطماطم والخيار والفلفل في غير موسمها داخل الصوبات بعد أن انتشر استخدام الغازات السامة لتعقيم التربة ومضاعفة كمية الإنتاج على حساب صحة المستهلك.

وأكد الشارف أن أسطوانات هذا الغاز المستورد من دول في جنوب شرق آسيا منها الصين تدخل إلى ليبيا عبر المنافذ الليبية وتُباع في السوق الليبي ويستخدمها جميع المزارعين في الصوبات المكيفة لإنتاج السلع المطلوبة في غير موسمها وخاصة الطماطم والخيار والكوسة وغيرها.

ويرى باحثون في مراقبة صحة المجتمع أن مخاطر الوجبات السريعة التي غزت السوق الليبي بشكل ملفت وطالت حتى المناسبات الاجتماعية تأتي من طرق إعدادها من خلال مواد مجمدة ومعلبة ومواد مصنعة وأخرى كيماوية وفي بيئة مشكوك في نظافتها وبجهد أقل من الوجبات التي تُعد في البيت.

ويأتي انتشار هذه المأكولات التي تحتوي على سعرات حرارية عالية ودهون مصنعة ضارة بصحة الإنسان بفعل الدعاية واسعة الانتشار في الفضائيات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي التي غزت كافة البيوت والاعلانات المنتشرة في شوارع وميادين المدن والقرى الليبية ناهيك عن خدمات التوصيل إلى البيوت.

ودعا هؤلاء الباحثون إلى ضرورة التقليل من تناول الوجبات السريعة والحرص على تناول الوجبات الصحية المعدة في البيت لتجنب الكثير من الأمراض خاصة السمنة وتصلب الشرايين وقرحة المعدة والسكري والربو.

( وال )