الانباء الليبية : خبير بيئي يحذر من احتمالية وقوع عواصف قريبة من سواحل ليبيا .
نشر بتاريخ:متابعة: هدى الشيخي
بنغازي 04 سبتمبر 2024 م ( وال) - حذر الخبير البيئي بجامعة عمر المختار بمدينة البيضاء عبد السلام قويدر، من احتمالية تهديد عواصف "ميديكان" لسواحل ليبيا.
وأوضح في حوار مع وكالة الأنباء الليبية، أن هذه العواصف تشبه الأعاصير الاستوائية من حيث تكوينها وهطول الأمطار الغزيرة، ولكنها تتشكل في البحر الأبيض المتوسط، مبينا أن عواصف "ميديكان" هي عواصف هجينة، مكونة من شقين وهما المتوسط، والإعصار، وهي منخفضات جوية تجمع بين خصائص الأعاصير الاستوائية والمنخفضات الجوية العادية، وتتشكل في البحر الأبيض المتوسط، وتتميز بهطول أمطار غزيرة ورياح قوية، كعاصفة "دانيال" التي ضربت ليبيا في سبتمبر الماضي.
وحسب الخبير البيئي فأن أعاصير "الميديكان" تتشكل نتيجة تضافر عدة عوامل جوية، أولا يجب أن تكون درجة حرارة سطح البحر مرتفعة، وهو ما يحدث عادة في نهاية الصيف وبداية الخريف، وتعمل الحرارة العالية للبحر كوقود لهذه الأعاصير، حيث تزودها بالطاقة اللازمة للنمو والتطور ، كما يلعب التقاء الكتل الهوائية دورا حاسما عندما تلتقي كتلة هوائية باردة بكتلة هوائية دافئة، ويحدث اضطراب في الغلاف الجوي يؤدي إلى تشكل منخفض جوي، هذا المنخفض الجوي هو الأساس الذي تنمو حوله عاصفة "الميديكان".
وأوضح " عبد السلام قويدر " أن وجود منخفض جوي في طبقات الجو العليا يعزز من عملية التكوين، ويساهم في سحب الهواء الساخن الرطب إلى الأعلى، ويزيد من قوة العاصفة ، وبذلك تتشكل أعاصير "الميديكان" عندما تتوفر الحرارة الكافية في البحر، وتلتقي كتل هوائية مختلفة، ويساهم منخفض جوي علوي في تعزيز هذه العملية.
ولفت قويدر إلى أن كارثة دانيال كانت كارثة طبيعية غير مسبوقة، تسببت في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وكشف المركز الوطني للأرصاد الجوية عن أرقام صادمة حول كمية الأمطار التي هطلت خلال العاصفة، حيث سجلت 414.1 ملم، وهو رقم قياسي لم يسبق له مثيل في تاريخ الرصد الجوي الليبي.
وبين أن السبب الرئيسي في قوة العاصفة دانيال يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع درجة حرارة مياه البحر عن 26 درجة مئوية، مما عزز من تكوين العواصف وزاد من قوتها، وفي حالة عاصفة دانيال، كانت درجة حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الليبية تصل إلى 27.5 درجة مئوية، وبالتالي زاد من الطاقة المتاحة لتغذية العاصفة ، كما أن ارتفاع درجة حرارة المياه أدى إلى زيادة عملية التبخر، وارتفاع كميات بخار الماء في الجو، وعندما يرتفع هذا البخار إلى الأعلى، يتكثف ويتحول إلى سحب، مما يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة.
تحدث الخبير البيئي عبد السلام قويدرلـ ( الانباء الليبية ) عن إمكانية تكرار كارثة عاصفة دانيال المدمرة، وأن بعض التوقعات الأولية، بناءً على نماذج حاسوبية معقدة، تشير إلى احتمال تشكل إعصار مشابه ، موضحا أن النماذج المستخدمة في التنبؤ بالعواصف في البحر المتوسط ليست بنفس الدقة التي تستخدم في التنبؤ بالأعاصير في المناطق الاستوائية، كذلك حالة الطقس متغيرة باستمرار، والنماذج الحاسوبية قد لا تأخذ في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة ، وبالتالي فإن الإعلان المبكر عن عاصفة قد يسبب حالة من الذعر والخوف بين الناس.
ونبه الخبير البيئي بجامعة عمر المختار بمدينة البيضاء إلى أنه على الرغم من عدم اليقين بشأن تكرار عواصف مثل الميديكان، إلا أنه من الضرورة الاستعداد، ويجب على الجميع اتباع هذه الخطوات المتمثلة في مراقبة التحديثات الجوية بشكل دائم عبر المركز الوطني للأرصاد الجوية لمعرفة آخر التطورات، وضرورة وجود نظام إنذار فعال لتنبيه السكان بأي خطر محتمل، مع التركيز على التوعية بكيفية التصرف في حالات الطوارئ، لحماية الأرواح والممتلكات.
وشدد الخبير البيئي عبد السلام قويدر، عضو هيئة التدريس بجامعة عمر المختار، على أهمية التنسيق الفعال بين مختلف الجهات المعنية لمواجهة الأزمات الناجمة عن العواصف، خاصة بعد التجربة المريرة التي عاشها سكان الساحل الشرقي. وأوضح أن نجاح أي خطة طوارئ يعتمد بشكل كبير على سرعة تبادل المعلومات بين مراكز الأرصاد الجوية، وفرق الطوارئ، والدفاع المدني ، مؤكدا على ضرورة ضمان وجود قنوات اتصال فعالة ومستمرة حتى في أوقات الأزمات، وذلك لتجنب تكرار سيناريو انقطاع الاتصالات الذي عانى منها المواطنون خلال عاصفة دانيال، مؤكدا أن سلامة البنية التحتية مهمة جدا للصرف الصحي في المدن، لضمان تصريف مياه الأمطار بشكل سريع وفعال، وتجنب الفيضانات التي تسبب خسائر فادحة.
ودعا الخبير المواطنين إلى عدم الانسياق وراء الشائعات، خاصة أن التنبؤ الدقيق بمسار الأعاصير المتوسطة يبقى تحديا كبيرا، وذلك بسبب طبيعة هذه الظواهر المتغيرة باستمرار وتأثرها بكتل الهواء المختلفة ، مشيرا إلى أن النماذج العددية المستخدمة في التنبؤ بالأحوال الجوية قد تتغير بشكل سريع خلال ساعات قليلة، مما يجعل التنبؤ الدقيق أمرا صعبا.
وأكد الخبير البيئي بجامعة عمر المختار بمدينة البيضاء عبد السلام قويدر، في ختام حواره مع الانباء الليبية على ضرورة الاستعداد الدائم لمواجهة مختلف التوقعات، داعيا المواطنين إلى اتباع إرشادات الجهات المختصة، والتأكد من توفر المستلزمات الضرورية في منازلهم، مثل المياه والطعام والأدوية، تحسبا لأي طارئ، كما دعا الجهات المسؤولة إلى تكثيف جهودها في مجال التوعية بأخطار العواصف، وتدريب فرق الطوارئ على كيفية التعامل مع مثل هذه الأزمات.
( وال)