Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

مبدعة مغربية تتحدث لـ (وال) عن قهرها للظلام بقلب ينبض بالحب وروح تصدح بالأمل.

نشر بتاريخ:
حوار / ساسية اعميد

تونس 29 مايو 2024م (وال) - قهرت المبدعة المغربية، طالبة الدكتوراه، حسيبة منصيت، (28 سنة من مدينة آسفي – حاضرة المحيط) الظلام، ووقفت شامخة تحتضن عودها مرتدية القفطان المغربي التقليدي الجميل الذي يُطلق عليه في المغرب (التكشيطة)، على خشبة مسرح مدينة الثقافة (الشاذلي القليبي) في العاصمة تونس لتُبهج الحضور بعزف رائع على العود، وتطرب السامعين بأغنية رقيقة من التراث المغربي، وهي تقول لجمهور من المبصرين: إني قادرة على الوصول إلى قلوبكم رغم إعاقتي إني أراكم بقلبي وإحساسي، إني أحلم مثلكم وأفرح مثلكم وقادرة على إدخال البهجة إلى نفوسكم.

تحدثت الشابة المغربية التي أبدعت ببصيرتها في حوار أجرته معها اليوم الأربعاء، موفدة وكالة الأنباء الليبية إلى المهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة الذي تستضيفه تونس هذه الأيام، بقلب ينبض بالحب وروح تصدح وترفرف بالأمل، عن إصرارها على النجاح ومواجهتها لكافة التحديات رغم إعاقتها البصرية.

وقدمت حسيبة منصيت في بداية الحوار نفسها قائللة: "عمري 28 سنة من المغرب، من مدينة آسفي فاقدة للبصر منذ ولادتي، مطربة وعازفة على آلة العود، بدأت دراسة الموسيقى منذ سنة 2010 بالمعهد الموسيقي التابع لوزارة الثقافة بالمغرب وتعلمت كذلك العزف على العود".

وأضافت بلغة عربية متقنة بامتياز وبكل ثقة يفتقدها الكثير من المبصرين: "أنا حاليا طالبة جامعية أعد رسالة دكتوراه في اللسانيات".

وبسؤالها عن طفولتها، أجابت المبدعة المغربية قائلة:" أنا وحيدة أبوي، لم تكن طفولتي سهلة، ولم تكن حياتي اليومية سهلة هي الأخرى، ولكن بدعم من الأهل أصبحت سهلة ووقفت على قدمي. لا أحتاج لأي أحد يتحرك معي في البيت لقضاء حوائجي أحفظ كل شئ في مكانه".

وعن دراستها وتفوقها، أكدت حسيبة أن دراستها لم تكن كلك سهلة مبينة أنها درست في مدارس المكفوفين في مرحلتي التعليم الابتدائي والاعدادي حيث درست المرحلة الابتدائية في مدينتها آسفي إلا أنها اضطرت إلى الذهاب إلى مدينة مراكش التي تبعد 150 كلم عن آسفي، لدراسة المرحلة الإعدادية. واعتبرت المبدعة المغربية انتقالها من مدينتها على ساحل الأطلسي إلى المدينة الحمراء، مراكش، وهي ابنة الـ 10 سنوات، فاقدة للبصر، تاركة بيتها وأمها، تحديا كبيرا تعلمت منه الكثير ومكنها من الاعتماد أكثرعن النفس لمواجهة ظروف الحياة بحلوها ومرها.

وأردفت أن أهلها، عند إتمامها المرحلة الإعدادية، ارتأوا أن عليها العودة إلى آسفي لخوض مرحلة التعليم الثانوي مع المبصرين لكي تندمج أكثر داخل المجتمع.

واستطردت: "عشت تجربة مع المكفوفين لوحدهم ثم رجعت إلى مدينتي وأهلي لأدرس مع مبصرين وكانت تجربة رائعة. لم تكن الدراسة سهلة لعدم وجود مطابع بطريقة برايل، ولم تكن لدينا أجهزة متقدمة فكنت أكتب بيدي".

وقالت المبدعة المغربية حسيبة منصيت، في هذا الصدد، والفرحة تغمرها من خلال ابتسامة رسمتها على محيًاها:" الحمد لله نجحت الأولى في البكالوريا (الثانوية العامة) عن مدينتي آسفي وتم تكريمي، ودرست الجامعة في مدينتي إلى غاية البكالوريوس وتفوقت فيه، بحمد الله، وتحصلت على ماجستير في مدينة فاس التي تبعد 530 كلم عن آسفي، ولكن الدراسة تحتم عليك الصبر وتحمل كافة أنواع المعاناة".

وردا على سؤال عن خوضها تجربة الموسيقي، أوضحت حسيبة أن أهلها اكتشفوا موهبتها مبكرا منذ صغر سنها ...وكانت تغني في إذاعة (الشاطئ) عند الذهاب للاصطياف على شاطئ آسفي على المحيط الأطلسي مشيرة إلى أنها اكتشفت أنها تستطيع الوقوف أمام الجمهور وتتواصل معهم ما ساعدها على تجاوز الخوف في هذه المرحلة المبكرة من عمرها.

ومضت قائلة إنها تعمل حاليا مع عدة فرق موسيقية محلية ووطنية في المغرب مشيرة إلى أنها واجهت صعوبات في البداية في مجال الموسيقى وفي المعهد الذي كانت تدرس فيه حيث لم تكن النوتات الموسيقية مكتوبة بطريقة برايل فكانت مضطرة أن تبحث عن متطوع يمليها كي تكتبها وتتابع معهم.

وتحدثت المبدعة المغربية بشئ من الحزن عن تجربة مرت بها في معهد الموسيقى عندما حاولت تعلم البيانو قبل العود إلا أن أستاذ البيانو رفضها بحكم أنها كفيفة قائلا "لا أستطيع أن أعلمك ولا تستطيعين التعلم على البيانو"، إلا أنها عادت لتبتسم قائلة: "لكن أستاذ العود شجعني وقال لي تستطيعين التعلم فتعلمت، وأصررت على النجاح ونجحت، بل وشاركت مؤخرا في مسابقة دولية ".

 

وقالت المبدعة المغربية حسيبة منصيت، التي قهرت الظلام ورفعت التحديات وتفوقت على إعاقتها البصرية في ختام هذا الحوار: "شاركت في المغرب في عدة مسابقات وفزت فيها، منها المهرجان الوطني للمكفوفين، وشاركت مؤخرا في منتدى مصر الدولي لكنوز الابداع وفزت بالجائزة الأولى، وأنا اليوم موجودة في تونس، بدعوة كريمة من إدارة مهرجان تونس للموسيقيين والمبدعين من ذوات وذوي الإعاقة، وسعيدة بهذه الدعوة".

يذكر أن تونس تستضيف من 28 إلى 30 مايو الجاري بمدينة الحمامات فعاليات المهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة في دورته السادسة برعاية جمعية إبصار لثقافة وترفيه ذوات وذوي الإعاقة.

(وال)