جهود الدولة الليبية في محو الأمية من خلال دراسة لخبيرة ليبية بمناسبة إحياء اليوم العربي لمحو الأمية للعام 2024
نشر بتاريخ:
متابعة / نعيمة المصراتي
طرابلس 18 يناير 2024 (وال) - تُعد محاربة الأمية قضية جوهرية في ليبيا منذ الإستقلال حيث شرعت الدولة في مكافحة الأمية باعتبارها أحد الأركان الرئيسية في بناء الإنسان وعنصراً من عناصر تطوره ورفاهيته ومطلبا من مطالبه الضرورية.
وتمثلت جهود الدولة الليبية في محاربة الأمية، بحسب دراسة أعدتها، مساعدة وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون التربوية والخبيرة التربوية، عزيزة المهدي حافظ، في ست مراحل أساسية مرت بها، وهي، مرحلة المدارس الليلية التي انطلقت عام 1944 بإنشاء الممثل هذه المدارس الليلية في مدينة بنغازي، مرحلة تفعيل برنامج وخطط محو الأمية وتعليم الكبار عام 1953 وفق ما دعت اليه منظمة اليونسكو للمساعدة عام 1951 ويشمل عملها كل أنحاء البلاد الليبية، مرحلة تفعيل أول خطة لمحو الأمية وضعتها الدولة مدتها 15 سنة ابتداء من العام 1966 وانتهت عام 1980 استجابة للقرارات والتوصيات الصادرة في مؤتمري الإسكندرية الأول والثاني عامي 1963-1965، لتعليم الكبار، مرحلة حملات محو الأمية من عام (1970-1976 ) تنفيذاً لقانون سنة 1968 الصادر عن الدولة الليبية وقانون التعليم رقم (134 ) لسنة 1974 اللذين استهدفا محو الأمية وطالا (500 ألف و181 أمي وأمية)، مرحلة المدارس المسائية ومراكز تدريب الراشدات من عام (1975-1990)، ومرحلة تفعيل نشاط تعليم الكبار عام (2006) الخاص بإنشاء قسم محو الأمية وتعليم الكبار والقائم على تخطيط وتفعيل وتنظيم برامج محو الأمية وتعليم الكبار ضمن إدارة التعليم الأساسي بوزارة التربية والتعليم الذي أدى الى انتشار عدد من مدارس محو الأمية وتعليم الكبار في المدن والقرى الليبية، وساهم في القضاء على الأمية الأبجدية خاصة.
وتحدثت الدراسة عن التحديات التي تواجه برامج محو الأمية وتعليم الكبار منها الافتقار الى المعلمين المؤهلين خصيصا، الافتقار الى الوسائل التعليمية التي يمكن استخدامها أثناء الدرس والتي من شأنها أن تساعد المتعلم على الفهم والانتباه والاستيعاب والإدراك والتفكير والتطبيق والرغبة في التعلم، الافتقار الى المناهج الدراسية المعدة خصيصاً، عدم تحديد ميزانية خاصة بتعليم الكبار، غياب لائحة تنظيمية خاصة بتعليم الكبار، سلبية مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في برامج محو الأمية وتعليم الكبار.
وأشارت الدراسة إلى الخطة الاستراتيجية المستقبلية لمحو الأمية وتعليم الكبار ودعت إلى التركيز على نشر التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد لمواجهة الظروف الحياتية، استحداث مناهج دراسية تتناسب مع هذه الشريحة من الكبار بطرق مبسطة وقريبة الى مداركهم واهتماماتهم، تأهيل ورفع كفاءة القائمين بالتدريس في محو الأمية وتعليم الكبار والإدارات المشرفة عليها من خلال برامج ودورات طويلة المدى لرفع الكفاءات بتفعيل الجهات المختصة في الدولة، وضع اليات عملية لتشجيع من اجتازوا مرحلة الأمية بتمكينهم من مواصلة دراستهم في مراجل تعليمية متقدمة.، السعي لاعتماد اللائحة التنظيمية بتعليم الكبار، تخصيص مبالغ مالية لتمويل برامج محو الأمية وتعليم الكبار.
كما دعت إلى سد منابع الأمية بالسبل الوقائية قبل العلاجية من خلال التأكيد على الزامية التعليم ومجانتيه وتطبيق العقوبات على أولياء الأمور غير الملتزمين بتطبيق قانون الالزام، دراسة حالات الراسبين وضعاف المستوى التعليمي في مدارس التعليم الأساسي بصورة فردية لاتخاذ الإجراءات التي تحول دون تسربهم، متابعة المتسربين من مدارس التعليم الأساسي والحاقهم ببرامج دراسية تمنع ارتدادهم الى الأمية وتضمن لهم ثقافة أساسية تؤهلهم بالانخراط في سوق العمل ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني في برامج محو الأمية وتعليم الكبار.
وتحدثت الخبيرة الليبية عن ماهية محو الأمية وتعليم الكبار مشيرة إلى أن تعليم الكبار هو نوع من التعليم غير النظامي يستهدف من تجاوز سن مرحلة الالزام (15) سنة ولم يلتحق بالمدرسة النظامية والمنقطعين عن الدراسة الذين منعتهم ظروفهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو الصحية من مواصلة تعليمهم النظامي ويشمل مرحلتين، مرحلة محو الأمية التي يبدأ برنامجها من الصف الأول من مرحلة التعليم الأساسي وينتهي بالصف الرابع من مرحلة التعليم الأساسي حيث يتحصل الدارس على شهادة محو الأمية، ومرحلة تعليم الكبار ويبدأ برنامجها من الصف الخامس من مرحلة التعليم الأساسي وينتهي بحصول الدارس على شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي.
وحول الأهداف العامة لبرامج محو الأمية وتعليم الكبار، رأت الباحثة أن محو الأمية الأبجدية والوظيفية لليبيين والليبيات الذين حرمتهم ظروفهم من الدراسة مثل ربات البيوت والمنقطعين عن الدراسة، وركزت على نقل الفرد من مفهوم الأمية الأبجدية الى مفهوم الأمية الحضارية، وتمكين الأفراد من نيل حقهم الطبيعي من المعرفة، إلى جانب تحقيق مبدأ التعليم للجميع بصورة فاعلة من المهد الى اللحد، واكتساب الأفراد مهارات القراءة والكتابة والحساب والمهارات الحياتية.
وأشارت في ذات السياق إلى المساهمة في برنامج التنمية الشاملة وخاصة برامج التنمية المستدامة من خلال فتح أفاق جديدة للتعليم والتدريب، وتمكين المتسربين من مواصلة دراستهم بما يتلاءم مع ظروفهم ووفق ميولهم.
ورأت فيما يتعلق بوضع خطة استراتيجية تتضمن برامج فاعلة وتنفيذية تنتقل فيها الأمية من المفاهيم التقليدية الى مفهوم الأمية الحضارية، ضرورة القضاء على الأمية الأبجدية وتنمية المهارات المهنية والحياتية تحقيقاً للهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة التي تنص على التعليم مدى الحياة، دعم وتفعيل المدارس القائمة لتعليم الكبار على مستوى الوطن، إعادة فتح المدارس القائمة التي تم إغلاقها فترة الحرب وفترة انتشار وباء كورونا، استحداث مدارس جديدة لتعليم الكبار على مستوى جميع البلديات لتلبي رغبة الباحثين عن العلم والمعرفة بعد استيفاء الاشتراطات الفنية التعليمية الضرورية، فتح مدارس بمؤسسات الإصلاح والتأهيل، تمكين المتسربين من مواصلة دراستهم بما يتلاءم مع ظروفهم ووفق ميولهم، استمرارية العمل على تنفيذ القانون رقم 95 لسنة 1975 الخاص بإلزامية ومجانية التعليم الأساسي من الصف الأول الى الصف التاسع للمتعلمين من عدم الارتداد من مرحلة التعليم الأساسي إلى الأمية، فتح المجال للدراسة العليا لمخرجات تعليم الكبار (الجامعة المفتوحة)، تأهيل الكوادر المشرفة على تعليم الكبار، السعي لاعتماد اللائحة التنظيمية ببرامج تعليم الكبار، وضع مناهج خاصة بمحو الأمية تناسب قدرات الدارسين من حيث محتواها وطرق تدريسها وطرق تقويمها، تحقيق مبدأ المسؤولية والالتزام الحكومي بتفعيل برامج محو الأمية وتعليم الكبار بتحديد ميزانية خاصة لتعليم الكبار.
كما تحدثت الخبير عزيزة المهدي حافظ عما تم إنجازه من برامج محو الأمية وتعليم الكبار وفق الخطة الاستراتيجية للعام الدراسي 2022-2023، ولاحظت مضاعفة مدارس محو الأمية وتعليم الكبار من (31 ) مدرسة خلال العام الدراسي (2006-2007 )الى (66 )مدرسة خلال العام الدراسي (2021-2020)، مساهمة فتح الزوايا والمنارات الدينية لتحفيظ أعداد كبيرة من الصغار والكبار في مختلف الفئات القران الكريم وتعليمهم أحكام التلاوة في القضاء على الأمية الأبجدية بعدد وصل الى 8500 شخص، تفعيل الدراسة داخل مؤسسات الإصلاح والتأهيل بمدينتي طرابلس وبنغازي بعدد 6 مدارس، تعميم التعليم الأساسي وتطبيق الزاميته حتى وصلت نسبة التمدرس بالتعليم الأساسي للعام 2021-2022 الى 97 في المائة، التقييم المستمر لتلاميذ الحلقة الأولى من التعليم الأساسي ولا يعيد التلميذ السنة الدراسية إلا إذا كان يعاني من تخلف دراسي معيق، وضع مادة تنظيمية لبرامج محو الأمية وتعليم الكبار ضمن مواد اللائحة التنظيمية لشؤون التربية والتعليم لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي تمت وفقها معاملة الدارسين في مدارس محو الأمية وتعليم الكبار معاملة التلاميذ والطالب النظاميين في امتحاناتهم واعتماد شهاداتهم العلمية، إدخال مادتي الحاسوب واللغة الإنجليزية في المقررات الدراسية لدارسي محو الأمية وتعليم الكبار، تأهيل عدد (650) معلم ومشرف من معلمي ومشرفي مدارس محو الأمية وتعليم الكبار على مستوى ليبيا على أساليب التدريس وأساليب الإدارة الحديثة، اعداد احصائيات موثقة ودقيقة تشمل بيانات عن الدارسين والمعلمين بمدارس محو الأمية وتعليم الكبار حددت من خلالها احتياجاتهم الضرورية.
واحتفلت وزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية هذا العام بإحياء اليوم العربي لمحو الأمية تحت شعار (التعليم مدى الحياة دون تميز) في إطار احتفالية الوطن العربي في 8 يناير من كل عام باليوم العربي لمحو الأمية الذي أقرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
وترتبط مشكلة الأمية في الوطن العربي بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها وبالتالي فإن أي جهد يبذل من أجل القضاء على الأمية يؤدي إلى القضاء على هذه المشكلات.
وينعكس انتشار الأمية بين الآباء والأمهات بشكل سلبي على الأسرة خاصة والمجتمع عموما بما يسببه من بروز لبعض المشكلات خاصة في مجال التربية ناهيك عن كون انخفاض المستوى التعليمي والثقافي للأسرة نتيجة تفشي الأمية بين الآباء والأمهات سيؤثر بشكل سلبي كبير على تعليم الأبناء ويؤدي الى ارتفاع نسب الرسوب والتسرب والارتداد بينهم.
(وال)