تقرير - تهريب الوقود - وتسرب الثروات الليبية عبر البحر والصحراء
نشر بتاريخ:بنغازي 20 ديسمبر 2023 م (وال) - تشكل قضية تهريب الوقود، والمواد الغذائية، أحد أكبر القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه ليبيا، في ظل تراجع السيطرة الأمنية على المناطق الحدودية البرية والبحرية ، وانفتاح الحدود المشتركة مع البلدان المجاورة لاسيما على الامتداد الجنوبي للبلاد والتي تعاني من عدم الاستقرار السياسي ، وهو ما يجدد التساؤلات حول أسباب تفاقم مشكلات التهريب، وأسباب عجز الأجهزة الأمنية عن مواجهة مثل هذه العصابات.
وحسب تقرير نشرته صحيفة الانباء الليبية فان الدولة الليبية تخسر مئات الملايين سنويا بسبب عمليات التهريب، وعلى الرغم من بذل السلطات الليبية جهودا مضنية لمواجهة هذه المشكلة إلا أن تقارير دولية تشير إلى المشكلة في تزايد مستمر، خصوصا على الامتداد الجنوبي في البلاد.
ففي سبتمبر الماضي أعلنت منظمة الأمم المتحدة في تقرير لها أن عمليات تهريب الوقود من ليبيا تحولت لتجارة مزدهرة ومستمرة، مؤكدة أنها تتم من مناطق كثيرة في شرق البلاد وغربها.
وليس هذا فحسب بل رصدت المنظمة الأممية ناقلات نفط تعمل على تحميل الوقود الليبي المدعوم من قبل الميزانية العامة للدولة، عبر البحر بشكل غير قانوني لصالح جهات ومجموعات مسلحة نافذة، ويصل إلى هذه المجموعات خارج البلاد.
ووفقا لما ذكرته منظمة " ذا سنتري" المعنية بالتحقيقات الاستقصائية فان الدولة الليبية تخسر ما لا يقل عن 750 مليون دولار سنويا بسبب تهريب الوقود ، مؤكدة أن عمليات التهريب تكبد الاقتصاد الليبي خسائر فادحة، لافتة إلى أنه بسبب زيادة عمليات التهريب اضطرت السلطات إلى استيراد منتجات نفطية تقدر بحوالي 19% من حجم المستورد خلال العام 2022 بسبب التهريب غير المشروع.
وتحت عنوان (ثروات الليبيين تضيع في دروب التهريب ) قالت صحفية الانباء الليبية أن الدولة الليبية تدعم الوقود بمبالغ ضخمة، إذ أنه وفقا لتصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، فإن نصف ميزانية البلاد تقريبا تذهب في دعم الوقود، حيث أن الدولة تشتري الوقود بنحو 3.5 دينار للتر الواحد، وتبيعه بـ 0.15 دينار.
وتقدر ميزانية دعم الوقود في البلاد بنحو 12 مليار دولار، وفق الأرقام الصادرة في العام 2022، أي بزيادة قدرها 5 مليارات دولار مقارنة بالعام 2021.
كيف تخرج شاحنات الوقود من ليبيا؟
في تصريحات تلفزيونية له أمس الثلاثاء، كشف بشير الشيخ، منسق ما يُعرف بـ«حراك فزان»، دروب وطرق المهربين عبر الصحراء الليبية ومنها إلى الصحراء الإفريقية، مؤكدا أن مسار التهريب تنطلق من مصراتة.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية، أن شاحنات الوقود تبدأ رحلتها نحو التهريب بداية من وصولها مستودع سبها ومنها إلى منطقة القطرون، وعبر دروب الصحراء تنطلق حتى تصل إلى مناجم التنقيب عن الذهب في دول النيجر ومالي وتشاد.
وأكد «الشيخ» أنه نجح في تصوير أعمال التنقيب عن الذهب في دول الجوار الجنوبي، مؤكدا أن العمل في هذه المناجم شرعي ومرخص من الدولة، لكن تعمل فيه شركات دولية، وهذه الشركات أنشأت تجمعات عمالية كبيرة العدد بالقرب من الحدود الليبية.
- حياة شبه كاملة بمناجم التنقيب
وقدر الشيخ العاملين في بعض المناجم بحوالي 500 ألف شخص، أي ما يعني أكبر من سكان الجنوب الليبي، وهو ما يفسر الحاجة الضخمة إلى كميات الوقود المهرب، مشيرا إلى أن بعض المناجم يوجد فيها حياة كاملة، حتى أن بعضها يوجد بجوارها مستشفيات ومراكز صحية ربما لا يوجد مثيل لها في المناطق الليبية.
وأوضح أن بعض هذه المناجم قريبة جدا من الشريط الحدودي الليبي الجنوبي، خصوصا في تشاد، وهذه التجمعات العمالية لا تحتاج للوقود فقط، بل يتم تهريب كميات هائلة من المواد الغذائية أيضا لها، لافتا إلى أن عمليات التهريب تتم وفق منظومة متكاملة من البشر، وعبر منظمات عابرة للحدود.
- ضعف التواجد الأمني ساعد في انتشار تجارة التهريب
وأشار تقرير صحيفة الأنباء الليبية إلى أن المجموعات المسؤولة عن تهريب الوقود تستغل ضعف التواجد الأمني في بعض المناطق الجنوبية بسبب اتساع الصحراء وقلة عدد السكان، لتهريب ما تريد من المواد البترولية، وهو ما يفقد المواطن الليبي جزء كبير من ثرواته، ويضطره للوقوف في طوابير طويلة للحصول على جالون من البنزين، على الرغم من توافر الكميات التي يحتاجها السوق المحلي.
وفي وقت سابق ذكرت تقارير صحفية أن نقاط التهريب تتواجد في مدن الزاوية وصبراتة وزوارة، وتديرها بعض المجموعات المسلحة، التي دأبت على الإفلات من العقاب، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة إحكام قبضتها على هذه المواقع.
(وال)