Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

مساعدة رئيس بعثة مفوضية اللاجئين في ليبيا تروي قصصا مؤلمة ومشاهدات مروعة خلال زيارتها لدرنة.

نشر بتاريخ:

بنغازي 01 أكتوبر 2023 م (وال) – عبرت مساعدة رئيس بعثة مفوضية اللاجئين الدولية في ليبيا ” رنا قصيفي ” عن صدمتها ودهشتها خلال زيارتها لمدينة درنه وما شهدته من دمار واسع وماسمعته من قصص مروعة حول الخسائر في الأرواح نتيجة الفيضانات التي اجتاحت المدينة في الوقت الذي شهدت فيه أيضاً قصصا تعكس شجاعةً وعزيمةً جسدت تضافر المجتمع الليبي الذي هبّ من كل المدن لتقديم المساعدة لأخوتهم المتضررين من السيول والفيضانات.

وروت” رنا قصيفي ” تجربتها خلال زيارتها لدرنة وقالت وصلت إلى المدينة بعد بضعة أيام من انهيار السدين وما نتج عن الانهيار من فيضان لكميات هائلة من المياه جرفت في طريقها أحياء كاملة من المدينة ، وشعرت حينها كأنه كابوس, وفقا للموقع الرسمي للمفوضية.

 وأكدت أن الصخور المنجرفة من الجبال المجاورة كانت متناثرةً فوق الطرقات المدمرة,بينما جرفت سيول المياه مبانٍ بأكملها,قائلة لم يكن من السهل عليّ استيعاب حجم الكارثة ووقعها.

وتابعت رنا قصيفي لقد أتيت بصحبة زملائي من مفوضية اللاجئين وغيرها من منظمات الأمم المتحدة لتقييم أثر السيول والفيضانات على الأهالي،ولتنسيق تقديم مواد الإغاثة والدعم لعشرات آلاف من المتضررين من الفيضانات، وبصفتي رئيسة فريق الحماية لدى المفوضية في ليبيا، كان دوري يتمثل في ضمان تركيز جهودنا في الاستجابة لاحتياجات الناجين والمتضررين والمجتمعات الأهلية التي استضافت العديد منهم.

 وقالت مساعدة رئيس بعثة مفوضية اللاجئين في ليبيا لقد قضينا أكثر من يومٍ على الطريق، وبعدما قطعنا ساعاتٍ عديدة على طول ما تبقى من الطريق الرئيسي المؤدي إلى المدينة، ترجلنا من السيارات، وسرعان ما أثقلت أنفاسنا رائحة الموت التي ستظل راسخة في ذاكرتي.

تقول ” قصيفي ” : خلال 19 عاماً قضيتها في المجال الإنساني، عملت فيها في العديد من البلدان التي اجتاحتها الصراعات والدمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي أوروبا والأميركتين، لكن رغم كل تلك الخبرات التي اكتسبتها، لم أكن مستعدة للتعامل مع المشهد الذي رأيته في درنة ذلك اليوم.

وأضافت أنه أثناء استعدادنا لتنظيم النواحي اللوجستية لجلب وتوزيع أطنانٍ من مواد الإغاثة، اعترانا الصمت في وجه الدمار الهائل المحيط بنا.. لكن حجم المأساة الحقيقي لم يتكشف لنا، إلا بعد أن سمعنا عن الخسائر في الأرواح والمعاناة التي لحقت بالسكان وهم يرون مدينتهم وقد جرفتها المياه مع ذويهم وبيوتهم.

وأوضحت أنه بعد أيامٍ من زيارة درنة، توجهت لزيارةٍ منطقة ” رأس المنقار ” في ضواحي مدينة بنغازي، وهي المدينة التي استضافت آلاف العائلات التي خسرت كل شئ أباء وأمهات وأبناء وبيوت ومصادر رزقها، كنا هناك لتقييم احتياجات العائلات التي تعيش مؤقتاً في مجمعٍ خاص تبرع به رجل أعمال محلي لاستضافة النازحين من المناطق المنكوبة.

وتابعت لقد التقيت هناك بناجين أشعرتني قصصهم المروعة بجزعٍ فاق عمقه المشاهد المروعة التي رأيتها في درنة قبل أيام.. كنت هناك لأقدم مواساتي الشخصية لهم، ولأعرف منهم كيف يمكن للمفوضية وشركائها أن تساعدهم بالشكل الأمثل.. والتقيت هناك بإحدى الناجيات التي كانت تعيش مع بناتها الثلاث في منزل والدتها في درنة يوم وقوع الكارثة، وكانت شقيقتها في زيارةٍ للمنزل بصحبة اثنين من أولادها الخمسة أيضاً.

قالت الأم الناجية لقد نهضت مذعورة في الثانية صباحاً على ضجيج تصادم السيارات ببعضها البعض.. كان الاستيقاظ على مثل هذا الصوت غريباً لدرجة أنني ظننت بأنني أحلم، لكنني كنت أعلم بأنه لم يكن حلماً. نظرت إلى إحدى بناتي التي كانت تنام بجوار النافذة وهرعت إليها لآخذها من هناك قبل أن تتعرض للأذى نتيجة ما كنت أعلم بأنه آتٍ باتجاهنا.. لكنني لم أتمكن من الوصول إليها. ما أن لمست يدي ذراعها، اندفعت مياه الفيضان إلى داخل المنزل وجرفتني إلى الأعلى – فكدت أصل إلى السقف. حاولت التمسك بالأثاث الطافي لأبقى بجوار ابنتي، لكن المياه كانت أقوى مني، ناديت بأعلى صوتي على أختي وأمي وبناتي لأطلب منهن التمسك بأي شيءٍ ممكن، لعلهن يسمعنني.. وفجأةً، تدفقت المياه عبر النوافذ وجرفت معها كل شيء.

تقول ” رنا قصيفي ” : التقيت لاحقاً بناجية أخرى روت لي قصتها وكيف نجت هي وزوجها لكنها فقدت 21 شخصاً من أفراد عائلتها جرفتهم السيول والفيضانات.. كيف كانت تتأمل في البحر من شرفة بيتها إلى أن سمعت صوتاً مرعباً ظنته زلزالاً.. وقبل أن تدرك حقيقة ما يحدث، باغتتها أمواج عنيفة جرفتها هي وزوجها، قالت الناجية لزوجها في تلك اللحظة بعد أن تمسكت به : إما أن نموت معاً أو ننجو معاً.

ووصفت الناجية الوضع وكأن أمواج تسونامي اكتسحت منزلهم ودمرت كل شيء قبل أن تتابع المياه طريقها نحو أسفل الوادي لتدمر المنازل الأخرى وتجرف أحياء كاملة في طريقها.

وتضيف” رنا قصيفي ” كان لسماع هذه القصص وما أبداه الناجون من عزيمة ووقار في وجه الفاجعة أثر عميق في نفسي ونفوس أفراد فريق عمل المفوضية في ليبيا، وزاد من عزمنا على فعل كل ما أمكن لمساعدتهم على تجاوز هذه المأساة ، سواء من تقديم مواد الإغاثة والأدوية ووصولاً لتقديم الدعم النفسي الاجتماعي لمساعدتهم على التعافي من الصدمة.

أن رؤية الجهود المذهلة التي بذلتها المنظمات والفرق المحلية والدولية وتلاحم الأهالي وتضافرهم لمساعدة المتضررين وبعضهم البعض وسط الظروف العصيبة كان له أثر كبير في شعوري بالأمل في تجاوز الأهالي لهذه المأساة.

واختتمت “رنا قصيفي “رواية تجربتها بالقول : أن معالجة الصدمة النفسية والخسائر البشرية الهائلة التي تسببت بها السيول والفيضانات ستكون عملية طويلة الأمد وستتطلب جهود هائلة .

انحسرت مياه السيول والفيضانات في درنة لكن الفاجعة التي أصابت الناجين لم تنحسر، وعلينا ألا ندخر جهداً في مساعدتهم.

(وال بنغازي) ع ط