Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

(خاص - وال) : الجريمة النسوية في ليبيا بين الظاهرة والمؤشر

نشر بتاريخ:

تقرير لـ (وال) يرصد تنامي الجرائم النسائية ويستطلع آراء مختصين - من هدى الشيخي

بنغازي 22 يوليو 2023 م (وال) – لا تزال الجرائم التي ترتكبها النساء من التابوهات في المجتمعات المحافظة، ومنها المجتمع الليبي، رغم أنها أضحت ظاهرة من الظواهر الاجتماعية وبدأت تشد اهتمام علماء الاجتماع والنفس ورجال القانون.

وتُعد المتغيرات الاجتماعية المتسارعة، وثورة المعلومات والاتصالات، واختلال المعايير الاجتماعية داخل الأسرة وفي المجتمع نفسه، وتنامي المشاكل الاجتماعية، وتدني مستويات المعيشة، والضغوط النفسية، وازدياد العنف والتنمر ضد المرأة، وغير ذلك الكثير، من العوامل التي ساهمت في انتشار الجرائم التي ترتكبها النساء.

ورصدت مراسلة لوكالة الأنباء الليبية في بنغازي، في هذا الصدد، تردد عناوين في الشارع الليبي وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، من بينها ( قتلت زوجها لأنه كسر الفنجان -  دفعتها الغيرة لسرقة شقيقتها - مربية أطفال تتسول بهم -  امرأة تستغل تجارتها في النصب والاحتيال - امرأة تقود عصابة لترويج المهلوسات ...، ) ولاحظت أن الجريمة النسائية لم تعد اليوم تقف عند المشاجرة أو التسول أو الإجهاض أو السحر والشعوذة أو حتى القتل بالسم، فالعناوين التي نقرأها يوميا عن جرائم النساء داخل مجتمعنا جعلت الكثيرين يتساءلون هل أضحت ظاهرة؟ وهل تفوقت على الرجل؟ وهل هي شريكة فيها أم ضحية؟ .

ولمحاولة الإجابة عن بعض هذه التساؤلات المطروحة وللكشف عن بعض الحقائق والبحث في أسباب دخول النساء لأتون الجريمة، التقت مراسلة (وال)، مختصين ومسؤولين سعيا للإجابة عن سؤال هل الجريمة النسائية باتت ظاهرة في مجتمعنا الليبي ؟ .

وقالت أخصائية علم النفس الجنائي ابتسام الطيرة، "إن الدراسات التحليلية قليلة وربما تكاد تكون معدومة عن أسباب دخول المرأة أتون عالم الجريمة في مجتمعنا إلا أنه من خلال متابعتنا لما ينشر أو يُتداول أو يكون على صفحات المصادر الرسمية، نجد أن المرأة متورطة في جرائم المخدرات والنصب والاحتيال والسرقة و القتل والخطف والسحر والشعوذة وغيرها من الجرائم".

وأشارت " الطيرة " إلى أن إجرام المرأة مرتبط بعدة عوامل متداخلة ومعقدة، بدءا من التنشئة الاجتماعية لتكوينها العضوي الذي يكون وراء استغلالها جسديا قبل أن تتحول هي لاستخدامه كأداة في ارتكاب الجريمة، والنفسي المتمثل في الإحباط والكبت الناتج عن صراعات الطفولة الأمر الذي يحفز السلوك الاجرامي عند توافر القوى المؤثرة مثل البيئة غير السوية، رفيقات أو رفاق السوء، ضعف الوازع الديني، الفراغ وغير ذلك، والضغوط النفسية الناجمة عن ضغوط اقتصادية أو اجتماعية أو الشعور بالظلم، والمستوى التعليمي أو المرحلة العمرية وهي ليست معيارا ثابتا لخروج هذا السلوك من عدمه.

واعتبرت " الطيرة " أن إجرام المرأة من أخطر الظواهر الاجتماعية كون المرأة عضوا فعالا في المجتمع وأي انحراف في سلوكها يلقى بظلال آثاره على المجتمع.

وطالبت في هذا الصدد بضرورة تكاثف جهود المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لبحث ودراسة الأمر ومحاولة السيطرة عن خروج المعدلات من صورتها المتوقعة إلى غير المتوقع.

من جانبها أوضحت رئيسة قسم الشرطة النسائية بمديرية أمن بنغازي، النقيب " فوزية الحسناوي " أنه لا توجد مؤشرات لتزايد الجريمة الأنثوية مقارنة بالذكور من خلال متابعتنا اليومية ، مؤكدة  أن معظم مرتكبات الجرائم من النساء هن، حسب قولها، من جنسية غير ليبية، مثل العمالة المنزلية الوافدة والمتمثلة جرائمهن في السرقة.

 وأشارت " الحسناوي " مع ذلك إلى أن جرائم النساء من جنسية ليبية تتصل بقضايا الابتزاز عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمشاجرات التي قالت إنها تحتل أعلى نسبة غير أنها لاحظت أن الرجل هو الركن الأساسي في ارتكاب المرأة للجريمة مثل الجريمة الأخلاقية، وأن أغلب قضايا النساء تصنف قانونا جنحا ونسبة بسيطة جدا منها جنايات.

بدوره قال رئيس قسم المعلومات والتوثيق بمديرية أمن بنغازي اللواء " خالد حيدر " إن الجريمة في ليبيا تختلف قبل 2011 وبعده، موضحا أن الجريمة تغيرت خلال العقد الأخير في شكلها ومضمونها ونوعها، ومعدلاتها ومقياسها وأدواتها تغيرا تاما.

وأكد في هذا السياق أن هناك جرائم دخلت للمجتمع الليبي لم تكن موجودة من قبل، على رأسها الجرائم المرتكبة من قبل العنصر النسائي اللائي كن قبل عقد ونيف هن الضحية.

 و استطرد قائلا:" بدأت مؤشراتنا تسجل خلال السنوات الأخيرة جرائم ترتكبها النساء، وكانت بعض شبكات الاتجار بالمخدرات المفككة مؤخرا -خاصة حبوب الهلوسة - تقودها المرأة التي أصبحت فريسة للعصابات وهذا مؤشر جديد لليبيا" مشددا على أن تلك الجرائم تظل حالات فردية .

ورأى أن تطور الثقافة الاجرامية وكون المرأة من أرباب السوابق يُعتبر أمرا طبيعيا بالنظر إلى المتغيرات التي مرت بنا ونعيشها ، مبينا أن الجرائم النسائية شقان، جرائم شاذة تحدث لأول مرة في المجتمع الليبي وارتفاعها طفيف جدا، والأمر في وتيرته الطبيعية وفقا للمعيار الوقتي، وجرائم اعتيادية يومية من خلال الظروف والعلاقات الاجتماعية منها شكاوى الأزواج ضد بعضهم البعض، والأم ضد أبنائها والعكس، والمشاكل الأسرية وما يتولد عنها من جرائم فأحيانا المرأة ترتكب جريمة مثل سرقة مقتنيات الزوج أو تقوم بالنصب والاحتيال ضد زوجها بمشاركة بعض أفراد اسرتها .

وأوضح  أن المرأة اليوم أصبحت سيدة أعمال و تمارس الأعمال التجارية مثل العقارات والسيارات والبيع و الشراء عبر الانترنت وغيرها من الأعمال، مبينا أن هذه التجارة لها بعض السلوكيات التي تتولد معها جرائم و تعتبر بيئة خصبة للاحتيال و النصب. ولما دخلت المرأة هذا المعترك باتت تمتهن النصب والغش والاحتيال وغيره، حسب قوله.

ولاحظ أن المجتمع الليبي مقارنة مع غيره يعتبر محافظا ولكن بالمقارنة بفترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي نجده أصبح محافظا بمعايير أخرى نتيجة الانفتاح الكامل.

وعبر حيدر عن الأسف الشديد كون المرأة باتت عنصرا بارزا في التكتلات الإجرامية التي ليس بالضرورة أن تكون كبيرة كغيرها الممتدة للخارج، فهي، وفق توضيحه، باتت عنصرا هاما لنقل المادة المخدرة حيث يتم اصطحاب المرأة في السيارة لإيهام البوابات الأمنية أن أسرة تستقل السيارة، خاصة وأن النظرة العامة لليبيين ترى أن العائلة دائما مصانة لا تخضع للتفتيش، وفي داخل المدينة تستغل العصابات المرأة لاستدراج الضحية.

وحذر رئيس قسم المعلومات والتوثيق بمديرية أمن بنغازي من وجود ظاهرة يُفترض أن تنتبه إليها الدولة منتشرة بين أوساط الأطفال والنساء داخل المجتمعات التعليمية والوظيفية النسائية مؤكدا أنه بحسب التقارير الأمنية ووفق الاحصائيات أضحت المرأة "معولا مهما جدا لبعض التشكيلات الاجرامية لترويج المخدرات سواء حبوب الهلوسة أو مادة الحشيش بين هذه الأوساط".

وأكد اللواء خالد حيدر في هذا الصدد أن مديرية أمن بنغازي شرعت في حملات أمنية مكثفة بمشاركة الشرطة النسائية في هذه الأوساط لمحاربة هذه الظاهرة.

ويرى المختصون أن فكرة الجريمة لا تتغير في جوهرها بل في صورها المتعددة ومن هنا، تساءلت مراسلة (وال) هل أن رصد الشارع الليبي لارتفاع الجرائم النسائية يستلزم العمل على المزيد من الاحصائيات والدراسات أم ستظل هذه الجرائم كما ووصفت بحالات فردية قابلة للتمدد لتنافس مرتكبيها من الرجال؟

(وال)