مسؤول في جهاز المدينة القديمة لـ (وال) : مشاريع التطوير تأخذ في الاعتبار السكان والمباني التاريخية .
نشر بتاريخ:
طرابلس 09 يوليو 2023 م ( وال) – قال عضو لجنة إدارة جهاز المدينة القديمة طرابلس "يوسف الخوجة" إن المدينة القديمة شاخت مع مرور الزمن وتأخرت عملية ترميمها طويلا لعدة أسباب معقدة مشيرا إلى أن الجهاز بدأ في تنفيذ عدة مشاريع وفق استراتيجية أخذت في الاعتبار السكان والمباني القديمة التي يعود تاريخها إلى 3000 سنة على حد سواء.
وأوضح الخوجة في مقابلة مع وكالة الأنباء الليبية الأربعاء الماضي أن جهاز المدينة القديمة تأسس سنة 1985 إلا أن بعض الظروف حالت دون أن تتمكن الإدارات السابقة من تنفذ أعمال الصيانة بالصورة الصحيحة والعلمية.
وأضاف الخوجه أنه بداية من 2018 تشكلت لجنة ادارة جديدة بدأت مهمتها بصيانة البنية التحتية للمدينة على مراحل وأخذت في الاعتبار ساكنة المدينة الذين وصفهم بـ "شركاء الجهاز الأصليين".
وأشار إلى أن المشروعات التي يقوم بها الجهاز حاليا تتمثل في ربط وإنشاء شبكات جديدة للصرف الصحي التي كانت تعتمد على الآبار السوداء وتبليط أرضيات الشوارع والأزقة.
وقال إن معظم شبكات الصرف الصحي تآكلت وأغلقت مع مرور الزمن دو ن أن تطالها أعمال الصيانة والترميم الأمر الذي اضطر السكان إلى حفر آبار السوداء وفيهم من استخدم حتى آبار الشرب القديمة لتصريف المياه المستعملة الأمر الذي تسبب في تلويث المنطقة وقد يكون هذا التلوث أثر على حياة السكان سلبا حيث كانت المخابز تستخدم المياه الجوفية التي تلوثت بمياه الصرف الصحي.
وأوضح الخوجه أن الجهاز اجتاز هذه المسألة الكارثية بتوصيل المياه الصالحة للشرب إلى المنازل التي لم تصلها لأكثر من 30 سنة بالإضافة الى مد شبكات الصرف لمياه المجاري ومياه الأمطار ووضع حد لعملية تسريب المياه العادمة داخل المنازل بالإضافة الى تبليط الارضيات داخل الأحياء.
وكشف الخوجه أن عمليات الصيانة مرت بعدة مراحل حيث قامت المرحلة الأولى على فتح مسارات لتسهيل حركة العمل داخل الشوارع والأزقة الضيقة، وتركزت المرحلة الثانية على ترميم بعض المباني المنهارة منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي والتي تمثل 40 في المئة من المباني، وأرجع سبب انهيارها إلى إهمال الملاك الأصليين وسوء الإدارات السابقة التي قال إنها لم تقم بعملية الصيانة بالصورة الصحيحة واعتبروا المدينة القديمة مدينة متخلفة عمرانيا في حين أنها في الحقيقة مدينة تاريخية.
وأردف أن بين من المشاريع التي نفذها الجهاز تحت الإدارة الجديدة قاعات خاصة بالمناسبات الاجتماعية إحداها في باب بحر والثانية في شارع بوريانه لاستغلاله من قبل سكان المدينة القديمة في مناسباتهم الخاصة دون أي مقابل إلى جانب إنشاء حضانة للأطفال ومبنى ترفيهي لكبار السن والمتقاعدين، مؤكدا أنه يجري العمل حاليا على بناء مبنى خاص لإصدار الجوازات ومستندات الحالة المدنية منها الرقم الوطني وشهادات الميلاد.
وقال في ذات السياق إنه تم إضافة مبنى آخر لمبنى دار (كريستا) وهي من المباني التاريخية التي رممت في السابق بمواد غير صالحة للمباني التاريخية وهي مادة الإسمنت ما أثر عليها سلباً بدلا من استخدام مواد أخرى مثل الجير الهيدروليكي الذي يمتص الرطوبة ويخرجها خارج المباني.
وأشار إلى أن الجهاز قام بترميم وصيانة مجموعة من المباني لاستخدامها بيوتا للضيافة والإقامة خاصة لخبراء ومختصي الترميم لتوفير مصاريف الإقامة لهؤلاء الخبراء، ومن ذلك ترميم (دار القاضي) الموجودة في ميدان "الأربع عرصات" على امتداد شارع جامع الدروج.
وتحدث الخوجة عن المرحلة الرابعة التي اشتملت على افتتاح ميدان (السيدة مريم) وترميم المباني الموجودة حوله إضافة الى تبليط الميدان القريب من المبنى المعروف بـ (بنك روما) وترميم مباني باب الجديد والعمل حالياً على ترميم ميدان وسعاية الرخام وقوس ماركوس أوريليوس وتطويره بإنشاء مدرج لاستراحة الزوار دون المساس بحرم القوس التاريخي، وترميم المعبد الروماني الموجود بجانب القوس وجمع القطع الخاصة بالمعبد لاستكمالها ، وإنشاء حاجز خشبي لمنع دخول الزوار الى داخل القوس تحت إشراف شركة ايطالية متعاقدة مع مصلحة الاثار.
وأكد الخوجه على أن الجهاز يعمل حاليا على قرابة 50 مشروعا جديدا خلال هذا العام إذا توفرت السيولة المالية اللازمة إلى جانب العمل على الجانب الثقافي باستضافة ورش عمل ومؤتمرات وندوات وطباعة ونشر الكتب والدراسات ودعم الصناعات التقليدية وتبني المشاريع الخاصة التي تُبرز تاريخ المدينة القديمة.
أُسّس الفينيقيون ما نُطلق عليه اليوم "المدينة القديمة" في طرابلس (ترابليوس) بين القرنين الخامس والسابع قبل الميلاد، وكانت من أكبر المدن الفينيقية بعد لبدة وصبراتة، وكانت النواة الأولى لنمو العاصمة طرابلس وهو الاسم الذي أطلق عليها بعد الفتح الإسلامي عام 643.
تضمّ (المدينة القديمة) في داخلها العديد من المباني الأثرية المختلفة من الحقبة الرومانية مثل قوس ماركوس أوريليوس والكنائس والمعابد والمساجد والمنابر وبقايا الأسوار والحصون التي تعود من الفتح الإسلامي والفترة العباسية إلى العهد العثماني الثاني والفترة القرامانلية.
خضعت طرابلس القديمة بعد الفينيقيين لحكم الرومان الذين لم يبق من آثارهم اليوم سوى قوس ماركوس أوريليوس، ثم حكم الوندال الذين لم يبق منهم أي أثر، وجاء بعدهم البيزنطيون.
فُتحت طرابلس على يد عمرو ابن العاص مع بداية الإسلام وتغير عمرانها حيث بُنيت المساجد والمتاجر والأسواق المغطّاة والعديد من البيوت الجديدة، وشهدت دخول الإسبان إليها ليقوموا ببناء عدة أبواب جديدة للمدينة لتقييد حركة السكان بحسب كُتب التاريخ.
مر على طرابلس القديمة عهدان عثمانيان، الأول من منتصف القرن السادس عشر حتى مطلع الثامن عشر، ثم العهد الثاني واستمر حتى الاستعمار الإيطالي الذي بدأ عام 1911.
وتقول الباحثة المعمارية الليبية إيناس سالم القلالي إن عمران المدينة في الحقبة العثمانية اختلف بما يليق بمدينة أُعلنت عاصمة ولاية ليبيا، حيث أعيد بناء المنازل وشًيدت أخرى وأسواق جديدة، وأُنشئت الحمامات التركية العامة والمدارس الدينية ومساجد جديدة ودار لصناعة السفن ومدرسة حربية.
وعرفت طرابلس في العهد العثماني قوانين العمران وبدأت عملية تسجيل الأراضي والنظام الضريبي.
(وال)