مجلس الثقافة العام .. بين إمكانيات ثقافية عالية ومحدودية الدعم .
نشر بتاريخ:
بنغازي 02 فبراير 2022 (وال) _ تلعب الثقافة بشتى مجالاتها دور هام وفعال في حياة الفرد، فهي غذاء الفكر والروح، حيث يأتي دور المجالس الثقافية في الدولة كداعم للمثقفين والهواة من أدباء وفنانين وكتاب، ويضع على كاهليهم مسؤولية المساهمة في توعية المجتمع من خلال الأنشطة المنوعة، التي ترضي وتلبي جميع الإحتياجات.
وبين ما يفترض أن يكون وما يقدمه مجلس الثقافة العام في ليبيا وبين ما هو كأن عليه، كان _ لوكالة الأنباء الليبية _ حوار مع رئيس مجلس الثقافة العام لدولة ليبيا الأستاذ "محمد رمضان محيا" الذي قال: (مجلس الثقافة العام تأسس بليبيا بقرار رقم 16 لسنة 2002م و كان يسمى في ذلك الوقت بمؤتمر الشعبي العام، ومن بعد ثورة 17 فبراير ووفق مسودة الدستور في الفقرة 35 التي تنص على أن كل جسم كان يتبع للمؤسسة التشريعية بالمؤتمر الشعبي العام يؤل إلى المجلس الوطني الإنتقالي، ومن ثم إلى المؤتمر الوطني العام ومن ثم إلى مجلس النواب، أي يتبع الجسم التشريعي حسب قرار تأسيسه).
وتابع محيا: (وبذلك هو مؤسسة ثقافية إستراتيجية على مستوى الدولة الليبية مقرها الرسمي مدينة بنغازي، ولدى المجلس فرعين في مدينة سرت وآخر في مدينة طرابلس، ومنذ مطلع عام 2011 إلى يومنا هذا أترأس مجلس الثقافة العام لدولة ليبيا).
وبسؤاله عن أن كثيراً ما يتم الخلط بين عمل وزارة الثقافة ومجلس الثقافة العام فهل الإختصاصات والصلاحيات مشتركة، أجاب: (أن الإختصاص الأصيل للمجلس الثقافة العام هو وضع الإستراتيجية العامة للثقافة بدولة ليبيا والإشراف على تنفيذها، وبهذا يعد
أسوا بالمجالس العليا للثقافة بدول العالم كالولايات المتحدة الأمريكية كندا بريطانيا وغيرها، وفي دول الجوار والمحيط أيضا توجد مجالس ثقافية في مصر تونس الجزائر الأردن الكويت
وغيرها كثر، فهو لم يكن مؤسسة أو جسم مفتعل، ففي أغلب الدول التي سبق ذكرها يوجد وزارة الثقافة ومجلس الأعلى الثقافة).
وأوضح: (أنه يفترض أن يكون المجلس هو من يضع الإستراتيجية العامة الثقافية للدولة والإشراف على تنفيذها، وفق الشق التنفيذي النوعي الذي يخص المجلس، وهذا ما يختلف عن عمل وزارة الثقافة المعنية بالشق العملي اليومي، لكن هناك خلط كبير وهو أن الوزارة هي الوجه المقدم على المجلس، وهذا غير صحيح يجب أن يكون المجلس هو الجهة الإستراتيجية، وهو المشرف على أعمال الوزارة، و يقوم بدور مجلس النواب مع الحكومة كونه السلطة التشريعية العليا).
وحول غياب المجلس والوزارات الثقافية عن الساحة وقصور دورها في توعية المجتمع خاصة في فترات الآزمات، ذكر رئيس المجلس: (النظرة القاصرة من قبل مسؤولينا لقطاع الثقافة همشت الثقافة وما يأتي منها، وهذه نظرة أغلب دول العالم الثالث للثقافة صدقا، حتى ميزانيات الدول في العالم الثالث ما تبقى من فتات يصرف لمؤسسة للثقافة للنظرة القاصرة التي يرى بها السياسي أو المسؤول للثقافة، و من هنا أوكد على جزئية مهمة، أن ما تفعله الثقافة والفنون لن يفعله الساسة)
وبين: (أن المثقف له نظرة إستشرافية يمن بها على المفكر وعلى التقني وعلى المخترع لأن أصل الفكرة تأتي من المثقف، و إذ إلتفت الساسة لقطاع الثقافة وإذ أدى العمل المناط به على أكمل وجه، لما كنا بحاجة إلى الحروب وما نحن بصدده اليوم في دول العالم اجمع ليس فقط ليبيا، لأنه سيعم الوعي و سيكون هناك فكر ناضج بعيد عن فكر الظلام، وسياسة الدولة الليبية بالحكومات المتعاقبة أنشأت مراكز شرطة مثلاً و لكن لم نسمع عن حكومة أنشأت مركز ثقافي أو مكتبة أو دار للثقافة أو مسرح، فالبنية التحتية للثقافة في الدولة الليبية منهارة بالكامل).
وبالحديث عن الدوريات الصادرة عن مجلس الثقافة العام، قال محيا: (في الفترات الماضية كان يصدر عن مجلس الثقافة العام 3 دوريات، وهن مجلة الثقافة العربية وهي المجلة الأم قرابة الأربعين عام، ومجلة فهرست وتعنى بالكتاب بإصداره وطباعته ونشره وتناول بعض جوانب الكتب المنشورة، إضافة إلى صحيفة المجلس الثقافي وهي الأولى من نوعها في العالم التي تختص بالشأن الثقافي كاملة، بينما كل الصحف لها ملفات ثقافية فقط ولكن من بعد الثورة تقريباً توقفت جميع الدوريات الصادرة عن مجلس الثقافة العام).
و أضاف محيا: (لقد إعترانا كمؤسسة ثقافية ما إعترى كثير من المؤسسات من تراجع وركود من بعد الثورة والأزمات التي تمر بها البلاد، و سبب توقف صدور الدوريات هو قلة الإمكانيات المادية، و ليس قصور أو ضعف من المثقفين أو القائمين على المجلس، على العكس أن البراح الثقافي يزخر بإمكانيات ثقافية عالية جدا.
وأشار إلى أنه ليس بالضرورة تواجد مكاتب وفروع في كل مدينة لإقامة نشاط أو حدث معين، فمجلس الثقافة العام يعمل من خلال المثقفين كلا حسب اختصاصه في مجال الثقافة.
وأوضح محيا: (أنه لا يوجد داخل المجلس وظيفة مفكر أو شاعر أو قاص وغيرها، لكن نعمل من خلال إدارات مختلفة مثل إدارة المهرجانات و إدارة الآداب و إدارة الفنون و مكتب الإعلام، وهذه الإدارات مختصة لتسيير الأعمال الفنية التي لها علاقة بالشأن الثقافي للمجلس، فإقامة النشاطات لا تستدعي وجود فروع لنا في المدن التي تقام بها الحدث، وعادة عند النشاطات الإستراتيجية نشكل لجان من مختلف البلاد).
وبخصوص مشاركة مجلس الثقافة العام في معرض القاهرة الدولي في دورته هذا العام، ذكر محيا (لوال) _ (أن مجلس الثقافة العام منذ تأسيسيه لم يغيب عن أي دورة لمعرض القاهرة الدولي لأهمية هذا المحفل، وأن تغيبنا خلال الأعوام الماضية في فترة الأزمة الليبية كان شيء مؤثر بالنسبة لنا ولمثقفينا، و هذا العام تحصل مجلس الثقافة العام في الربع الأخير من السنة المالية على مبلغ لا يذكر من وزارة المالية، استطعنا تقسيميه بشي من الحكمة حتى يتسنى لنا المشاركة ولو بشكل جزئي، وهذا بالفعل ما حدث حيث شارك المجلس في معرض القاهرة ضمن جناح اتحاد الناشرين الليبيين، و السبب قصر اليد و قلة الإمكانيات).
وأكمل محيا: (أوفدنا عدد بسيط جداً من موظفي المجلس كعارضين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حرصا منا على عدم الغياب وتلاقح الأفكار وإثبات الوجود لمجلس الثقافة العام في هذا الحدث المهم).
وبالحديث عن صيانة مقر مجلس الثقافة العام قال رئيس المجلس: ( تعرض المجلس كغيره من المؤسسات إلى انتهاكات عدة خلال فترة الحرب، من تهجم على طقم الغفارة بقوة السلاح من قبل الدواعش، بالتحديد عند قيامنا بحفل تأبين شهيد الكلمة مفتاح بوزيد، في نفس الليلة تعرض المجلس للنهب والحرق والسطو المسلح من قبل الظلاميين، إلى أن الله سبحان وتعالى سلم مخازن الكتب من الحرق، و منذ ذلك الوقت أصبح المبنى غير صالح الإستعمال مما إضطررنا للإنتقال إلى مبنى الدوريات، كونه الأقل ضرر حيث استطعنا ترميمه، أما باقي المباني في المركب الثقافي لازال في وضع يحتاج إلى صيانة وتطوير.
وفي ختام الحوار، أشار محيا إلى أن المجلس عبارة عن مركب ثقافي متكامل يحتوي على (مسرح وصالة للفنون البصرية ومبنى إداري ومخازن للكتب وصالة اجتماعات)، فأكتفينا بصيانة بسيطة جدا للمبنى الموجودين به، و توقفت الصيانة من بعدها رغم الوعود الكثيرة منها بلدية بنغازي.
وناشد الجهات ذات الصلة والمعنية بصيانة هذا المبنى المهم في مدينة بنغازي، والإلتفات لمجلس الثقافة العام، كونه أعلى مؤسسة ثقافية في الدولة الليبية، ولأهمية الثقافة ودورها الرئيسي في الرقي بالشعوب ومصدر حضاراتها.
( وال بنغازي )