Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

استطلاع : ليبيون يتخوفون من صعوبة إرسال أبنائهم إلى المدارس بسبب اشتعال أسعار الأدوات المدرسية .

نشر بتاريخ:

متابعة وتصوير: ساسية اعميد، أميرة التومي، زهرة سعد، محمد الزرقاني .

طرابلس 06 سبتمبر 2024 م ( وال) - اشتعلت أسعار الأدوات المدرسية وزادت بنسبة تتراوح بين 30 و50 في المائة وبعض الأصناف تضاعفت ثلاث مرات، مقارنة بالسنة الماضية، لعدة أسباب أبرزها، الانهيار المستمر لسعر صرف الدينار الليبي خاصة وأن الأدوات والمستلزمات المدرسية جميعها مستوردة من الخارج منذ اضطرار المصانع المحلية لغلق أبوابها.

ويواجه السواد الأعظم من الليبيين منذ 2014 مع تمكن السوق السوداء من رقابهم وسيطرة تجار الحروب والأزمات على الدورة الاقتصادية في بلادنا ناهيك عن انتشار التهريب وتفشي الفساد، تحديات كبرى في المناسبات الدينية (رمضان والعيدين) وعند العودة المدرسية التي تتطلب توفير ملابس جديدة وشراء الأدوات المدرسية لأبنائهم إلى درجة أن بعضهم أبدى تخوفا من عدم القدرة على إرسال أطفاله إلى المدرسة.

ويمثل هذا الارتفاع في الأدوات المدرسية عبئا ماليا إضافيا على الأسر الليبية خاصة في ظل الأزمة التي تعصف بمصرف ليبيا المركزي على خلفية الصراع على كرسي المحافظ، وسط دوامة اشتعال أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات بأنواعها.

وعلى الرغم من تطبيق جدول المرتبات الموحد عام 2023 الذي شمل كافة موظفي القطاع العام حيث تضاعفت المرتبات مرتين وأكثر في بعض الحالات، إلا أن الموظفين لم يفرحوا كثيرا بهذه الزيادة بسبب استمرار تغول السوق الموازية "حالكة السواد" التي تحتكر أموال الليبيات والليبيين فوق عربات "براويط المرمة" في ظهر مصرف ليبيا المركزي، وانقضاض تجار الصدفة والأزمات على الفرصة لمضاعفة كافة الأسعار بنسبة تراوحت بين 50 و70 في المائة الأمر الذي جعل زيادة المرتبات لا معنى لها.

واستطلع فريق (وال - الأنباء الليبية) آراء بعض المواطنين الذين اشتكوا من الارتفاع غير المسبوق لأسعار المعدات المدرسية، وأصحاب المحلات الخاصة ببيع المستلزمات المدرسية في طرابلس وضواحيها، فقالت عائشة محمد(45 ) عاما أم لثلاث أطفال، إن الأسعار مرتفعة جدا مقارنة مع العام الماضي حيث بلغ ثمن دستة أقلام الرصاص (4) أربعة دينارات، فيما كانت تساوي العام الماضي (2) دينارين فقط مشيرة إلى أنها لم تتمكن حتى الآن من شراء الأدوات المدرسية نظرا لتأخر صرف المرتبات.

وأضافت عائشة "لدي ثلاثة أبناء في التعليم الأساسي، ابن في السنة الخامسة وآخر في السنة الرابعة وطفلة في السنة الثانية، وجميعهم يحتاجون للأدوات المدرسية إضافة إلى الزي المدرسي وحقيبة الكتب وحقيبة الأكل وحافظة الماء وأحذية الرياضة"، مؤكدة أن توفير هذه المستلزمات يفوق المرتب الذي يتقاضاه زوجها".

وناشدت عائشة، التي استشهدت على سبيل المثال بسعر الزي المدرسي البسيط (البلوزة الزرقاء) التي بلغ سعرها ما بين 50 إلى 70 دينارا في الأسواق الشعبية، الجهات المسؤولة والرقابية في الدولة، ضرورة مراقبة أسعار الأدوات المدرسية، وضبطها قبل بدء الموسم الدراسي حتى يتسنى لأولياء الأمور توفير احتياجات أبنائهم.

وأوضح أمير علي (50 عاما، يعمل في مجال الاتصالات في القطاع الخاص وأب لأربعة أطفال في مراحل مختلفة من التعليم) أن أسعار الأدوات المدرسية لهذا العام مبالغ فيها وليست في متناول الجميع.

وأضاف أن هناك عددا من محلات بيع المستلزمات المدرسية والقرطاسية تقوم بالإعلان عن تخفيضات "إلا أننا اكتشفنا عند زيارتها أن الأدوات المعروضة رديئة جدا وغير جيدة ولا تساعد الأطفال في الكتابة وسهلة الكسر بينما الأدوات الجيدة مرتفعة الأسعار وغير مقدور عليها بالنسبة للأغلبية الساحقة من أرباب الأسر".

وأفاد أن بعض المستلزمات التي يحتاجها طلبة الثانوية والجامعات غير متوفرة حاليا مضيفا أن أحد الباعة أبلغه أنها ستكون متوفرة لديه بعد أسبوع أو عشرة أيام لأن الأدوات جميعها يتم استيرادها اليوم من الخارج.

وتساءل أمير في هذا الخصوص: لماذا لم تهتم الدولة بتوفير الأدوات والمستلزمات المدرسية وتحدد أسعارا تتناسب مع دخل المواطن من خلال مراكز توزيع في مختلف البلديات، بل وتدعمها إذا اقتضى الأمر.

 وقال باستغراب في هذ الصدد وبلهجة فيها الكثير من الاستنكار: "ألم يكن من المنطقي دعم التعليم وطلبة العلم بدل توفير الحج المجاني"؟

وأبلغ المبروك سعيد (70 ) عاما، صاحب مصنع كراسات سابق للفريق الصحفي أن المصانع المحلية منها النجاح (بنغازي) والمتميز والنور العالمية وغيرها كانت تغطي الاستهلاك المحلي من الكراس المدرسي وفق مواصفات عالية الجودة إلا أنها أغلقت أبوابها واختفت من السوق لأسباب اقتصادية وثانيا نتيجة للفوضى الأمنية التي شهدتها البلاد عام 2014 ، لافتا إلى أن هذه المصانع المحلية كانت تنتج 32 مليون كراس مدرسي منها 22 مليون لتغطية السوق المحلي و10 ملايين فائض للتصدير.

وأشار إلى أن السبب الاقتصادي لتوقف المصانع المحلية يعود إلى تعطيل فتح الاعتمادات ووقف دعم الدولة، وفتح أبواب الاستيراد من الخارج حيث اجتاح السوق الليبية الكراس الرديء من حيث نوعية الورق والوزن والحجم في غياب أية رقابة.

وتابع الفريق الصحفي لـ (وال - الأنباء الليبية) عبر جولته في عدد من محلات بيع الأدوات المدرسية قائمة الأسعار حيث سجل أن ثمن الكراس المدرسي العادي يتراوح بين 1.2 دينار إلى 1.8 دينار وقلم الرصاص بدينار (1 دينار)، ودستة أقلام التلوين بـ 12 دينارا ودستة المماح ما بين 5 إلى 7 دينار، وغلاف الكراسات من 3 الى 6 دينار، وأقلام الحبر من 9 الى 12 دينارا.

وتراوحت أسعار الحقائب المدرسية من 35 إلى 80 دينارا (مع وجود حقائب تصل إلى ما بين 150 و200 دينار)، وترمس المياه الصغير من 7 إلى 20 دينارا، وحقيبة الطعام من 15 الى 30 دينارا، وكراسات الرسم من 5 الى 20 دينارا.

وقال مدير المجمع التجاري "هاني مول"، محمد فتحي الجدايمي نتعاون مع شركة (اقرأ) للقرطاسية والأدوات المدرسية، لتوريد مستلزمات العودة للمدارس للمجمع وهي المسؤولة عن جناح الأدوات المدرسية والقرطاسية في المجمع بالتعاون مع مجموعة شركات أخرى تستورد الأدوات من دول مختلفة منها تركيا، مصر والصين.

وأشار إلى وجود تفاوت في الأسعار من حيث مكان التصدير والجودة وخامة الصنع، وأرجع هذا التفاوت إلى عدة أسباب منها ارتفاع سعر الدولار ومصاريف الشحن التي سجلت ارتفاعا كبيرا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة.

وأفاد مسؤول المشتريات في المجمع، أسامة زريق، أن الضريبة الجديدة التي تم فرضها على سعر الدولار ساهمت في ارتفاع الأسعار نظرا لأن معظم الأدوات المدرسية مستوردة من الخارج واصفا هذه الزيادة الجديدة بالخطأ الكبير الذي فاقم من معاناة أرباب الأسر وبخاصة قطاع الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية، وهم أغلبية القوى العاملة في ليبيا، حيث لم يستوعب القطاع الخاص إلا القليل من الليبيين نظرا لوفرة اليد العاملة بين المهاجرين غير الشرعيين.

وردا على سؤال عن مصانع الكراس المدرسي التي كانت قائمة في ليبيا، أوضح زريق أن هذه المصانع أغلقت أو دمرت مشيرا على سبيل المثال إلى ان مصنع (المتميز) الذي كان ينتج الكراس الممتاز دمر أثناء ما يُعرف بحرب "فجر ليبيا" عام 2014 وهاجر صاحبه إلى الخارج، مؤكدا أن غلق هذه المصانع ضاعف من أسعار الكراس المدرسي عدة مرات حيث خضع السوق الليبي لأسعار المستلزمات المدرسية التي يستوردها التجار من الخارج.

ولاحظ زريق وجود تراجع غير مسبوق في القدرة الشرائية للمواطن الليبي ورأى أن ذلك يعود إلى الصراع الذي يشهده مصرف ليبيا المركزي، وانهيار سعر الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، على خلفية استمرار الانقسام السياسي.

وقال سالم احمد (صاحب محل بيع أدوات مدرسية في منطقة صلاح الدين بطرابلس) إن الإقبال على شراء الأدوات المدرسية هذا العام أقل من المعتاد مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي مرجحا أن الكثير من أولياء الأمور لم يتحصلوا على مرتباتهم بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد ويتخوفون من عدم القدرة على تلبية احتياجات أبنائهم لإرسالهم إلى المدرسة.

وتابع سالم" أنه يقرأ عدم الرضا في أعين الزبائن عندما يسمعون أسعار الأدوات المدرسية التي ترتفع بشكل مستمر وفق اشتراطات السوق الموازية التي تحدد سعر العملة الصعبة".

واشتكي المواطن محمد عمر (52 عاما، أب لأربعة أطفال يتقاضى مرتبا شهريا قدره 2230 دينارا)، من أنه قد لا يستطيع بهذا الراتب توفير كافة الأدوات المدرسية لأطفاله الأربعة نظرا للأسعار غير المقولة للأدوات المدرسية هذا العام.

وأوضح انه ينتظر تسييل منحة الأبناء ليتمكن من تجهيز أبنائه للذهاب إلى المدرسة، مردفا أنه قد يلجا للاقتراض من أحد الأقارب أو الأصدقاء لتأمين العودة المدرسية لأبنائه إذا تأخرت منحة الأبناء.

ورأت آمنة عبد القادر (معلمة، أم لأربعة أطفال) في اتصال هاتفي مع الفريق الصحفي من مدينة أوباري أن الارتفاع المشط في أسعار الأدوات المدرسية هذا العام فرضه التجار لامتصاص الزيادة في المرتبات رغم أنهم يعلقون ذلك على مشجب ارتفاع الأسعار في بلد المنشأ وارتفاع الضرائب على البضائع وزيادة تكاليف الشحن.

وأضافت أن أصحاب الدخل المحدود سيكون من الصعب عليهم توفير كامل المستلزمات المدرسية من أقلام وكراسات وحقائب وأدوات ناهيك عن الزي المدرسي لأطفالهم.

وأوضحت أن السلطات في مدينة أوباري، رسمت سياسة لتوفير الزي المدرسي تتمثل في الاستعانة ببعض محلات الخياطة بعد توفير القماش لحياكة الزي بسعر موحد مقدور عليه من أولياء الأمور وسيتم توفيره لكل المدارس غير أنها أشارت إلى أن الباب مفتوح لمن يرغب في اقتناء الزي المدرسي لأطفاله من المحلات التجارية.

 ( وال)