Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

خاص (وال) : التنمر المدرسي - مؤشرات تنبئ بعنف من نوع آخر.

نشر بتاريخ:

بنغازي 18 يناير 2023م (وال) -هدى الشيخي - تقرير  -  تنامت ظاهرة التنمر بين التلاميذ في المدارس وآثارها السلبية على الحالة النفسية لهؤلاء التلاميذ وعلى تحصيلهم العلمي.  

مراسلة لوكالة الأنباء الليبية (وال) في بنغازي رصدت هذه الظاهرة وكتبت قائلة إن الركض في الساحة وراء الكرة تحول لهروب من السخرية، ولم يعد الكثير من التلاميذ يصمون آذانهم عن أصوات المدافع أو تبادل إطلاق النار خلال فترة الحرب، ولكنهم أصبحوا يصمونها بكفوفهم الصغيرة عن كلمات تزعجهم، تؤذيهم وتقض مضاجعهم بكوابيس مزعجة ليلا.

وأضافت أن المدرسة تحولت لهؤلاء التلاميذ الصغار إلى شبح كبير بسبب التنمر بعد أن تصاعد انتشار هذه الظاهرة بحسب روايات الأمهات اللائي وجدن أنفسهم إما يطرقن باب المعالج النفسي أو يبحثن عن واسطة لتغيير المدرسة لعل الأمر يتوقف عند هذا الحد.

وطرقت مراسلة (وال) باب المعلمين، للولوج أكثر في عمق هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر بشكل ملحوظ، باعتبارهم شهودا على حقيقة هذه الظاهرة التي قد ترتقي إلى مصاف الجرائم المعنوية.

وتقول المعلمة بمدرسة تبوك، نجلاء العريبي، من خلال تجربتها الشخصية إن أصحاب البشرة السمراء هم الأكثر عرضة بين التلاميذ للتنمر.

وروت في تصريح لـ (وال) وقائع لحالات تنمر قائلة: "حدث وتشاجرت إحدى التلميذات في المرحلة الابتدائية مع تلميذ آخر، وصارت تناديه بصفات تسخر من "لون بشرته" الأمر الذي استفزه فقام بضربها، وأخرى من شدة التنمر عليها لاختلاف لون بشرتها عن زملائها وزميلاتها، جعلت أمر استمرار دراستها مقرونا بتغيير الفصل، وثالثة كانت العام الماضي انطوائية وخجولة جدا، ونتيجة للتنمر الذي أثر على نفسيتها تدنى مستوى تحصيلها العلمي وأعادت السنة الدراسية مرة أخرى"

وشددت العريبي على ضرورة الاجتماع بأولياء الأمور لأنها تعتقد أن "التلميذ لا يأتي بمثل هذه المصطلحات التي يجهل أبعادها من خياله إلا إذا كانت متداولة في بيئته وأسرته" مؤكدة أن المكتب الاجتماعي في المدرسة ليس فعالا في معالجة هذه الظاهرة.

وأوضحت الأخصائية الاجتماعية في مدرسة (ابن خلدون)، هند عبد الرسول العريبي، أن التلاميذ الذين اضطرتهم الظروف إلى تغيير مقر سكناهم والانتقال إلى مدرسة جديدة هم الفئة الأكثر تعرضا للتنمر.

وقالت إنها تحرص في مثل هذه الحالات على مد جسور التواصل معهم وحثهم على الاتصال بها عند مواجهتهم أية مشكلة، مؤكدة أن التلميذ الذي يتعرض للتنمر لا يلجأ إلى ردود فعل عنيفة عندما يشعر بوجود من يسانده داخل مدرسته، مبينة أن أبرز حالة للتنمر واجهتها تعلقت بتلميذ "كانت بنيته ضخمة ومختلفة عن زملائه الذين أطلقوا على شكله أوصافا ساخرة واعتدوا عليه بالضرب وأوقعوه أرضا إلى جانب تلميذ آخر عانى من التنمر بسبب اختلاف لون بشرته."

وأضافت العريبي أنها تعتمد استراتيجية احتواء المتنمر والمتنمر عليه على حد سواء قائلة: " أعزز الثقة في نفس المتنمر عليه واحتوائه هو والمتنمر وأغرس فيهما مبدأ الاحسان بالإحسان وأبحث عن نقاط تجمعهما لكي أشيًد من خلالها علاقة جيدة بينهما والكثير منهم يصبحون اصدقاء فيما بعد.. إلا أنها أوضحت أنها تلجأ إلى ولي الأمر إذا ما نفذت الحلول عندها لكي تحاول أن تناقش معه وضع ابنه وتدرس سبب سلوك التنمر الذي يسيطر عليه لمعالجته.

بدوره يرى المعلم صلاح بومغتاظة من مدينة المرج أن نسبة انتشار التنمر في مدارس القطاع العام لا تتجاوز 1 في المائة في حين قد تصل في نظيراتها من القطاع الخاص إلى 15 في المائة .

وأكد في هذا السياق من خلال معايشته لهذه الظاهرة أن التنمر في القطاع الخاص منتشر بشكل أكثر من القطاع العام لعدة أسباب منها أن أولياء أمور التلاميذ الذين يعانون من بعض الأمراض والإعاقات يتوجـهون إلى القطاع الخاص سعيا وراء الاهتمام بأبنائهم حسب اعتقادهم.

وأضاف أن الأخصائي الاجتماعي في القطاع الخاص في العموم، إما أنه تنقصه الخبرة بسبب أنه حديث التخرج أو أنه غير متخصص من الأصل في بعض مدارس القطاع الخاص.

واستطرد بومغتاظة أن التلاميذ في مدارس القطاع العام هم في الغالب ينتمون لنفس الحي الذي تُوجد به مدرستهم وبالتالي يكون التنمر في أدنى حدوده بخلاف مدارس القطاع الخاص التي تجمع بين تلاميذ من مناطق مختلفة.

وأكد بومغتاظة أنه لا يفضل اللجوء إلى الأخصائي الاجتماعي في حالات التنمر وإنما يسعى لمعالجة هذه الظاهرة داخل الفصل بثلاث خطوات تشمل التذكير بآيات من القرآن الكريم أو أحاديث نبوية عن محبة الناس على اختلاف ألوانهم، أو الاستعانة ببعض القصائد والأهازيج التي تدعو إلى السلام وحب الآخر، إلى جانب تكوين فريق يجمع المتنمر والمتنمر عليه واللجوء لحجب درجات الامتحان إلى حين ظهور روح الجماعة في العمل وعلاج المتنمر ودفعه للاندماج في المجموعة.

وفي سياق متصل يرى العديد من المعلمين أن الإعلان عن الكفالة الدراسية التي تقوم بها بعض مدارس التعليم الخاص أو المنظمات الخيرية لأبناء الأسر الفقيرة والتي عجزت عن توفير أبسط المستلزمات المدرسية لأبنائها تجعل هؤلاء الصغار تحت طائلة الحرج الاجتماعي وتعرضهم للتنمر.

وتقول بحوث اجتماعية أن الطفل الذي يقوم بالتنمر عادة ما يسعى الى تحقيق عدة أمور منها لفت انتباه الآخرين له، الظهور كشخصٍ قوي وصلب، لديه رغبة كبيرة في إظهار القوّة والسيطرة على كل الأشخاص الذين حوله إن كانوا زملاء أو معلمين، الرغبة في القيادة وحبّ الذات والأنانيّة، غيرته الشديدة من تفوّق الطلاب عليهِ في الدراسة أو في أي نشاطٍ آخر.

وتؤكد هذه البحوث أن الأسرة تلعب دورا أساسيًا في ارتفاع ظاهرة التنمّر وانتشارها وزيادة أعداد المتنمرين في المدارس، وأرجعت ذلك إلى طريقة التربية الخاطئة، استخدام أسلوب العقاب الصارم والعنف مع الأطفال.

وشددت على أن المدرسة تلعب هي الأخرى دورا سلبيا في ظهور التنمّر وانتشارهِ بين الطلاب بسبب غياب دور المختصين في ترشيد سلوك المتنمرين ومعالجتهم.

وأكدت هذه البحوث على أهمية وضع الخطط التي يتعين على إدارة الخدمة الاجتماعية والصحة المدرسية والدعم النفسي بوزارة التعليم اتباعها للحيلولة دون استفحال هذه الظاهرة وتجنب الوصول إلى العنف المتبادل بين هؤلاء الصغار.

(وال)